الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

الموت كمصير فعلي أم مؤجل

 

 

 

ذ. المعانيد الشرقي ناجي – المغرب

 

 

لا أحد ينكر الموت البيولوجي، أي توقف وظائف الجسم بالكامل، لكننا نموت كل يوم بالتقسيط، لأننا نفقد عددا كبيرا من الخلايا ويتم تعويضها بسرعة، ونحيا من جديد بعدما كنا دخلنا العدم.

 

الفرق إذن، بين الموت الطبيعي والموت المؤجل – الموت كل يوم بالتقسيط – هو أن الأول حتمي وسيأتي يوما ما، بينما الثاني، لا حتمي وغير حاسم في اكتماله، لأن الخلايا الميتة تُعوض بأخرى ويستمر الإنسان في الوجود كموجود بالقوة وبالفعل، ومن خلال استهلاك الطاقة التي يعوضها كل يوم مارس فيه نشاطا معينا حتى لو كان حركة فقط.

 

لكن هناك موت ثالث، وهذا النوع من الموت رمزي، لكنه قاتل نفسيا وبطريقة عسيرة مؤلمة غاية الألم، تعرفون كيف؟ الأمر ببساطة، أن الذي لا يعمل كيفما كانت طبيعة هذا العمل، فإنه يعيش رتابة قاتلة، تبدأ في الصباح وتنتهي في المساء لتبدأ اليوم الموالي بنفس الطقوس الرتيبة، كتراجيديا. صاحب هذا الموت المؤجل، يعيش اختناقا، يوميا، ودون أن يتغير حاله، يبقى داخل دائرة العدم لكنه يتنفس بصيصا من الأمل هو الذي يسعفه لكي يبقى ضمن زمرة الأحياء بمعنى من المعاني.

 

أن تكون حيا، معناه، أن تفكر وتنتج أفكارا تساعد بها ذاتك، لتبقى كائنا متكيناً داخل عالم الكينونة، وتساعد غيرك الذي تتقاسم معه لحظات الوجود الزمكاني لبناء عالم بينذاتي تنتصر فيه الغيرية على الأنانية..

 

وعليه، هناك من رحل عن عالمنا عبر موت طبيعي تحقق بالفعل، وهناك من يموت يوميا بالتقسيط، على اعتبار أن الموت مصير حتمي لكل الكائنات الحية في هذا الوجود المطبوع بالصيرورة والتعبير ولا يَسْتقِرُّ على حال. فإذا كان الموت البيولوجي لم ينفع معه علاج، فإن الموت بالتقسيط، أي الرمزي، هو موت مؤجل ليس إلا، الفرق بينهما في الدرجة لا في العلة.

 

 

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات