أخنوش و العودة إلى أيام الجمر و الرصاص
البدالي صافي الدين/المغرب
عند تنصيب حكومة أخنوش بتاريخ في 7 أكتوبر 2021، المكونة من 24 وزيرا بينهم 7 نساء، ظهرت موجة من التعليقات على هذه الحكومة على أنها ستكون حكومة كفاءات وحكومة تؤسس للدولة الاجتماعية و تقطع مع مظاهر الفساد و الريع و الإثراء غير المشروع والقطاع غير المهيكل و تنزيل سليم لمضامين الدستور. لكن سرعان ما تحول ذلك التفاؤل إلى بؤس اجتماعي و إلى تمييع المشهد السياسي وإلى كابوس مزعج للمغاربة، لأنها كرست مرتكزات الدولة الريعية الإقطاعية و الإقصائية و الاستبدادية، بدءا من التضييق على الحريات العامة وحرية الرأي و قمع الصحافيين والمدونين إلى التشجيع على الفساد ونهب المال العام والإثراء غير المشروع و الإفلات من العقاب.
فتحولت إلى حكومة شأنها شأن الحكومات السابقة منذ اجهاض حكومة الراحل عبد الله إبراهيم في 20 ماي 1960، فسحب قانون الإثراء غير المشروع من البرلمان المغربي كان الهدف منه هو حماية الفساد و المفسدين و التشجيع على الرشوة، لأن الإثراء غير المشروع يعني “تراكم ثروات كبيرة في المدة الزمنية التي يكون فيها مسؤول في منصبه خارج ما يتقاضاه من أجر من الدولة أو عبر استغلال النفوذ . ”
إن الإثراء غير المشروع حسب الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد والرشوة هو ” إمكانية الحصول على منافع غير مشروعة”. فلما تم سحب مشروع قانون الإثراء غير المشروع تاكد بأن الحكومة خطت خطوة في اتجاه حماية المفسدين و لصوص المال العام. ثم جاءت بمشروع المسطرة الجنائية الذي بموجب المادة 3 و المادة 7 منه أصبحت جمعيات المجتمع المدني لحقوق الإنسان و حماية المال العام ممنوعة من التقاضي في شأن ملفات الفساد ونهب المال العام و تخليق الحياة العامة، وهو الحق الذي يضمنه الدستور و المواثيق الدولية. مما يجعل الحكومة المغربية قد ارتكبت جريمة في حق البلاد و في حق المواطنين و المواطنات الذين ظلوا يعانون من تبعات مظاهر الفساد و نهب المال العام و الإفلات من العقاب وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة.
لقد فتحت الحكومة الباب للوبي الفساد و للجهات المستفيدة من النهب و الريع و من الإفلات من العقاب ليستمروا في تعطيل البلاد و في تخلفها و في تنامي الفقر و مظاهر البطالة و الانحراف و الجريمة المنظمة و التطرف و الهجرة عبر قوارب الموت. إن حكومة أخنوش التي دأبت على رعاية مصالحها على حساب مصالح الشعب وجدت في وهبي المفتاح لحمايتها وحماية المفسدين من جمعيات المجتمع المدني مستغلة أغلبيتها المغشوشة في البرلمان. لقد أعادت المغرب الى أيام الجمر و الرصاص .
و جب على الهيئات السياسية والحقوقية والفكرية، و على كل المواطنين و المواطنات الذين لهم غيرة على هذا الوطن، أن يدركوا بأن الحكومة تخطط لبيع الوطن بعدما تتمكن من تكميم أفواه المناهضين للفساد ونهب المال العام و الإثراء غير المشروع من جمعيات حماية المال العام و الجمعيات الحقوقية و كل مكونات المجتمع المدني.
إن ما تخطط له حكومة أخنوش من خلال تنزيلات قانونية خارج المقتضيات الدستورية هو سرقة خيرات البلاد في واضحة النهار، مما يشجع لوبي الفساد على تحقيق مخططاته الجهنمية الرامية الى الانقلاب على الشرعية الدستورية و التحكم المطلق في كل منافذ الحياة الاقتصادية والسياسية، مما يحول البلاد إلى بلد يفر منه أهله بحثا عن عالم آخر. من أجل هذا و جب التصدي لهذا الخطر القادم بكل قوة وحزم .