حكومة أخنوش و الدفاع عن الفساد و نهب المال العام
البدالي صافي الدين/المغرب
كان الشغل الشاغل للوزير وهبي ، وزير العدل، من تنصيب حكومة أخنوش سنة 2022 هو تنصيب نفسه وزيرا للدفاع عن الفساد و المفسدين و عن الإفلات من العقاب وذلك لما قرر منع جمعيات حماية المال العام من تقديم شكايات لها علاقة بالفساد المالي و الإداري و التسيير و خرق قانون الصفقات، مدعيا بأن وزير الداخلية هو الذي له الحق بإحالة المشتبه فيهم من مستشارين على القضاء و ليست الجمعية.
و قد نددت الجمعية المغربية لحماية المال العام بهذا المقترح حيث نظمت وقفة احتجاجية ضخمة أمام وزارة العدل بتاريخ 7 ماي 2022 وهي الوقفة التي استجابت لها هيئات سياسية و نقابية و جمعوية و شخصيات مدنية. لكن الوزير ظل مصرا على اقتراحه وسط الأغلبية الحكومية، مطمئنا مستشارين من حزبه و من أعضاء الأغلبية الذين تحوم حولهم شبهة اختلاس أموال عمومية من عدم استمرار الجمعيات تقديم شكايات ضدهم إلى القضاء، مما أدى إلى تنامي مظاهر الفساد و نهب المال العام و الرشوة على أكثر من صعيد، بالإضافة إلى تنامي ظاهرة الغش في الأشغال و في تمرير الصفقات.
و عند إعداد التعديلات على المسطرة الجنائية تمت إضافة المادة 3 إلى المشروع الذي صادق عليه المجلس الحكومي يومه الخميس 29 غشت 2024 بالإجماع، بما فيه المادة الثالثة والتي تعتبر مادة وقائية للفساد و المفسدين لما تحمله من تدخل في القضاء بالنسبة للجرائم المالية. و يكون بذلك الوزير وهبي قد انتصر للفساد ونهب المال العام و الفساد و الرشوة و الإفلات من العقاب. حيث يقر المشروع بمنع جمعيات حماية المال العام من وضع الشكايات ضد المنتخبين والشخصيات في قضايا اختلاس المال العام وينص المشروع حرفيا” لا يمكن إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في شأن الجرائم الماسة بالمال العام، إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو بناء على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية والمفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية، أو بناء على إحالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أو كل هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك”.
إن ما أقدمت عليه حكومة أخنوش هو مخالف لدستور 2011 في مواده 12،13،14 و 15 التي تنص على دور المجتمع المدني في المساهمة في التنمية و في الاهتمام بالشأن العام. و هو أمر كذاك كان منتظرا منذ تعيينها لتدبير الشأن العام للبلاد، لأن ما جاءت به من جديد هو حماية الفساد و المفسدين و الإفلات من العقاب و اقتصاد الريع و التشجيع على الإثراء غير المشروع و تجميد مؤسسات الرقابة و الحكامة و مجلس المنافسة و قمع الحريات و التصدي لجمعيات حماية المال العام و الجمعيات الحقوقية و استصدار قوانين تضرب في العمق الحق في التعليم و الحق في الصحة و تفويت القطاعات العمومية و الاستراتيجية كالمؤسسات التعليمية والمستشفيات العمومية وقطاع الماء الصالح للشرب و الكهرباء و النظافة و التطهير، لشركات و مقاولات في إطار الريع و الاغتناء غير المشروع .مما جعل المواطن أصبح يعيش تحت رحمة شركات لا علاقة لها بالجوانب الاجتماعية والإنسانية.
لذلك فإن المصادقة على قانون المسطرة الجنائية المعدل في نهاية شهر غشت من السنة الجارية إنما يدخل في إطار سياسة حكومة متسلطة لا تحمي إلا مصالحها و مصالح لوبيات الفساد المالي و السياسي و الإداري على حساب مصالح الشعب المغربي، مما ينذر بمزيد من التخلف و الفقر .