الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

“ولاد البلاد ” عموتة والسلامي.. دروس مشفرة للمدرسة المغربية إبان تدريب منتخب الأردن.

 

 

 

محمد الشنتوف – الرباط

*صحافي، باحث في الإعلام والتواصل وتدبير الأزمات.

 

 

أعلن الاتحاد الأردني لكرة القدم عن قبول رحيل مدرب المنتخب الأول الحسين عموتة وتعويضه بالإطار الوطني جمال السلامي، خبر يدخلنا في نقاش ما وراء سطور الخبر، وتقديم الإفتراضات الممكنة، التي توضح قيمة” ولاد البلاد “في عالم التدريب على الصعيد الدولي من جهة، وقيمة الكفاءات الوطنية عندما تقرر أن تدعم بعضها البعض بطرق مباشرة أو غير مباشرة، هذا المقال، لن أقدم ما سيأتي بين سطوره بناء على ما توفر في الخبر من معطيات مباشرة فقط، ولكن بناء على وضع مجموعة من الفرضيات، وتحليل ما وراء الخبر، من منطلق قاعدة” الخبر مقدس والتعليق حر “، ومن خلال الاستعانة ببعض التقنيات، كالملاحظة والتحليل الإستنتاجي المنطقي للأحداث.

 

لم يكن هذا المقال موضوع إحدى مقالات السبت لهذا الأسبوع، إنما فرضته الظرفية ومستجداتها، والمقال الذي وضع في الأرشيف للتدقيق في زوايا معالجته وسينشر لاحقا، يتحدث أيضا عن الصحافة الرياضية، وما حدث بين الصحفي محمد أوموسي والصحفي عمر الشرايبي الذي طرح سؤالا” ربما لم يكن موفقا” على مدرب منتخب انجلترا ضمن تغطيته لكأس امم اوروبا حسب بعض الٱراء، سأعود لهذا الموضوع لاحقا، والإشارة له هنا، تأتي في ذات سياق الحديث عن الكفاءات المغريية… ! .

 

الكفاءات الوطنية المغربية تدعم بعضها البعض أولا وقبل كل شيء، عندما تقدم أوراق اعتمادها بقوة، وتؤكد كفاءاتها بلغة الإنجاز في مختلف المجالات، العقول المغربية أكدت عبر التاريخ عن علو كعبها وذكائها أينما حلت وارتحلت، الحسين عموتة غني عن كل تعريف في هذا المقام، الرجل رجل بطولات وإنجازات في مختلف التجارب التي خاضها، كاريزما تواصلية بامتياز، ورجل قيادي باقتدار، ومدرب من الطراز الرفيع، بعيدا عن لغة التشكيك التي تطارد الموهوبين والمتميزين من طرف بعض الأقلام المسمومة والعقليات المريضة سواء داخل أو خارج المغرب.

 

في هذا الباب، تابعنا كيف حاول بعض المحللين الأردنيين وبعض رجال وسيدات الصحافة، اللذين قدموا ما لا يدع مجالا للشك مؤشرات تؤكد أنهم لم يقبلوا تميز مدرب مغربي عربي مع منتخب بلادهم لأسباب لا مجال للدخول فيها، في حين لا تتعامل العقلية العربية مع المدرب الأجنبي بهذه الطريقة، هذه العقلية نلاحظها حتى عندما يتعلق الأمر بمدرب المنتخب الوطني المغربي أو أحد الأندية المغربية الكبيرة، كالرجاء البيضاوي أو الجيش الملكي، أو الوداد البيضاوي، فالتفاعل مع الإطار الوطني يكون عادة بتطاول أكثر وبنقد وانتقاد أكبر، وتبخيس أكبر، في حين نتعامل “للأسف” ولأسباب معينة في التنشئة الاجتماعية باحترام أكبر للمدرب الأجنبي ومع الأجنبي عموما.

 

الفرضية الثانية تتعلق بما يمكن أن نسميه بالترشيح المفترض بناء على ما قدمه الحسين عموتة مع منتخب الأردن كمدرب مغربي، هذا الترشيح لديه وجهان، الوجه الأول، أن منتخب الأردن يثق في الكفاءات المغربية، وهو من أراد استمرار هذه التجربة مع المنتخب، فبحث بشكل مباشر عن مدرب مغربي آخر ينتمي للمدرسة المغربية، والوجه الثاني، يتجلى في افتراض ممكن مفاده أن الحسين عموتة هو من اقترح إسم جمال السلامي، ولو افترضنا أن هذا التحليل صحيح، فهنا تظهر قيمة “ولإد البلاد” في دعم بعضهم البعض، هذا الأمر يحدث في مجالات كثيرة، وهو مقبول جدا، ومطلوب جدا، الأمر هنا يرتبط بما يسمى “بالتزكية”، أي أن أحدا ما يعمل في نفس مجال اشتغالك، ويرشحك لمنصب معين بناء على ثقته في كفاءتك.

 

لا يتعلق الأمر هنا “بباك صاحبي” كما نقول في المثل الدارج، وإنما في دعم اسم معين بناء على كفاءته، ومعرفتك الدقيقة بمهاراته في مجال معين، وعندما نتحدث عن جمال السلامي، فهذا الرجل هو أيضا من المدربين الكبار في تاريخ التدريب بالمملكة المغربية، وقد حضرت لتغطية كأس محمد السادس الدولية لكرة القدم في تغطية لصالح قناة ميدي 1 تيفي، وكان عموتة هو صاحب ضربة البداية، أما السلامي فكان مدرب للفتح، من -دون شك- أو لنقل مع “الشك الذي يوصلك لليقين” أن هناك افتراض ثالث يقول، أن الحديث بدأ هنا.

 

في نفس التظاهرة كان وليد الركراكي حاضرا في الكواليس، وقد تابعت بشكل مباشر كيف كان اللقاء بين الركراكي وعموتة، عناق حار وتقدير متبادل، ولا زلت أتذكر، تفاجئت حينها عندما قرأت بعض المنشورات والمقالات ( الصحفية بين سبعين الف قوس) التي كانت تدعي أن اللقاء بين عموتة والركراكي لم يكن جيدا، وهنا نعود للطرح الذي يؤكد أن مواقع التواصل الاجتماعي من جهة وبعض وسائل الإعلام الالكترونية الغير ملتزمة بأخلاقيلات الصحافة، تساهم في خلق أزمات لا وجود لها لغايات تتجلى فقط في رفع نسب المشاهدة، حتى لو لم تكن المعطيات صحيحة ودقيقة، والطامة الكبرى عندما يساهم الصحفيون والصحفيات في هذا العبث، فالعمل الصحفي ” الاخباري”, خصوصا يبنى على التحري والدقة وليس على الاعتقادات والتحليلات والٱراء، اما الاجناس الصحفية الاخرى كصحافة الرأي او التعليق او التحليل فتبنى على المعطيات والافتراضات وبعض التقنيات الأخرى، التي يجب ان توضح للقارئ، مثلما وضحتها هنا، والافتراضات تقبل التأكيد أو النفي دائما.

 

إن التواصل المهني الاحترافي في مجال سوق الشغل وفي فضاءات المؤسسات المهنية التي تحترم قواعد التواصل المؤسساتي الاحترافي، يبنى على دعم وترشيح الكفاءات في مراحله المتقدمة، فلا يكفي أن يقدم الشخص سيرته الذاتية المليئة بالشواهد والتجارب المهنية فقط، وإنما يستحسن أن يرفقها بخطاب تزكية من طرف خبراء او متخصصين في المجال يشهد لهم بالرزانة والكفاءة والصرامة المهنية، فعلى سبيل المثال، تطلب المؤسسات الإعلامية الكبرى، خطابات تزكية من طرف هؤلاء، كشرط من شروط قبول الترشيح للإنتقال من أجل العمل مع قناة اعلامية دولية، وهذا التوجه مهم بالنسبة لي للإشارة له، من أجل الاهتمام به من طرف الشباب، فبناء العلاقات المهنية الناجحة التي تنبني على الاحترام والتقدير المتبادل يعد من صميم الأهداف التي يجب ان تهتم بها الكفاءات المغربية عموما والشابة بصفة خاصة، في المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، كانت هناك قاعدة تعلمناها وهي ان ” الصحفي الناجح هو الكارني” ، أي ما يتوفر عليه من أرقام وعلاقات مهنية ناجحة، مرحلة بناء الثقة مهمة في المجال المهني الاحترافي، الثقة المبنية على الاحترام والتقدير المتبادل والكفاءة الواضحة.

 

قد تقول لي أن المشكل في هذا الطرح، هو تزكية من لا يستحق التزكية، سأخبرك أن المؤسسات المحترمة التي تعتمد على هذه الطريقة في اختيار مواردها البشرية، تحمل المسؤولية الكاملة لخبير التزكيات أو الترشيحات، مثلما تعتمد على تقنيات أخرى، كطلب السيرة الذاتية والمقابلات المهنية، وتلك المؤسسات التي تعتمد عن التزكيات المشكوك في أمرها، أو التي تقدم في سياق المصالح والعلاقات الشخصية بعيدا عن الكفاءة، لا تنجح عادة في تحقيق الأهداف المسطرة مع هذه الكفاءات، فالعمل المهني الاحترافي في مختلف المجالات، لا يقيم بناء على السيرة الذاتية والتزكيات والمقابلات فقط، وإنما على العطاء المهني في الميدان، وعليه فلو افترضنا ان السلامي تزكيه سمعة الإطار الوطني التي ارتفعت أسهمها مؤخرا مع إنجاز وليد الركراكي في قطر 2022 مع المنتخب المغربي، وتألق الحسين عموتة في كأس ٱسيا 2023، وتميز الأطر المغربية عموما، وتزكيه توصية ” عموتة المفترضة”، فلن تكون هذه التزكيات كافية إذا لم ينجح في تحقيق الأهداف المسطرة مع منتخب الأردن، وعلى رأسها التأهل لكأس العالم 2026 بالولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك، المهمة لن تكون سهلة، إلا انها ليست مستحيلة على الكفاءة المغربية.

 

في مجال التواصل والإعلام وتدبير الأزمات، وبالاستناد على تقنيتي الملاحظة والتحليل، نلاحظ كيف ساهم الإعلام الاردني بصفة خاصة من جهة في خلق أزمات كان من الممكن تجنبها لو لم تقدم بعض التحليلات المجانبة للصواب، والمبخسة بشكل مبالغ فيه لمجهودات عموتة، ومن جهة ثانية نلاحظ كيف ساهم التواصل المؤسساتي الرزين للحسين عموتة في التعامل مع هذه الانتقادات، ولمؤسسة جامعة الكرة الأردنية في تدبير هذه الازمات والوقوف في صف المدرب في أحلك فترات انتقاده المبالغ فيه، حتى وهو في أوج عطائه، وحتى في مرحلة فسخ العقد واحترام رغبة المدرب الحسين عموتة في العودة للمغرب لأسباب عائلية، ” ومهنية غير مباشرة”، أكد الاتحاد الاردني لكرة القدم على تقديره للحسين عموتة بصفة خاصة وثقته في المدرسة المغربية عموما، فتعيين الإطار الوطني جمال السلامي مكان الحسين عموتة، ليس صدفة، ومن الواضح أن القرار مفكر فيه بدقة مؤسساتيا في الأردن، وعليه، نستنتج أن “ولاد البلاد من خلال عموتة والسلامي يقدمون دروسا مشفرة في الدعم المتبادل إبان تدريب منتخب الأردن، ودروسا مشفرة للمدرسة المغربية عموما، وهنا جاز لنا أن نطرح السؤال التالي: هل كانت هذه الافتراضات صحيحة وأرضية حقيقية للاستثمار فيها في باقي المجالات من مختلف النواحي المستفاد منها؟

 

 

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات