الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

استعمال الاطفال لشبكات التواصل الاجتماعي

بين الاسباب والعواقب

 

 

 

 

محمد بونوار

كاتب مغربي مقيم بألمانيا

 

 

 

موضوع استعمال الاطفال لشبكات التواصل الاجتماعي بين الاسباب والعواقب ، هو موضوع الساعة بدون نقاش ، لكن حدته تختلف من بلد الى آخر .

 

التقدم العلمي ، وبالضبط التقدم الرقمي هو القفزة التي كانت سببا في تفشي هذه الظواهر الاجتماعية والتي بدأت رويدا رويدا تغذي هذه الثقافة  بين أفراد المجتمعات في العالم باٍسره .

 

الى عهد قريب كانت العائلة تجتمع أمام شاشة التلفاز لقضاء معظم أوقات الفراغ ، وكان أفراد العائلة يتواصلون فيما بينهم وكان الاب والام والابناء يتعايشون في جو عائلي بسيط لكنه غني بالنقاشات الهادفة ، وتشمل المجال الثقافي والاجتماعي والرياضي والسياسي والديني والترفيهي وغيرها .

 

وكان التأثير حسب رصيد الابوين من الثقافة والوعي والقيم التي تؤسس مقومات الانسان حسب ترتيبات الطبيعة وما تمليه من تقسيم الادوار ،حيث كان الرجل هو الاب  ، والمرأة هي الام ، والجد جدا ، والعم عما .

 

وكان الاحترام هو السد المنيع الذي يعتبر لدى جميع العاءلات صمام الامان ، والمرجعية التي يحتذى بها بين الناس ، والتي تحدد درجة التربية والمعاملات ، وانطلاقا من هذه المعطيات كان الاحترام بين الصغار والكبار نقطة راسخة ، وكان المعلم والاستاذ مثلا  يتمتعان بتقدير واحترام  بدون نقاش .

 

نعود الى صلب الموضوع والذي خصصنا له هذا المقال المتواضع بعدما لاحضنا أن هذه الظاهرة بدأ الناس يشتكون من تفاقمها  بين أوساط المجتمعات . مع العلم أن المؤسسات الدولية تقف تتفرج على الظاهرة رغم انتشارها  في جميع بلدان العالم .

 

حقيقية الامر يمكن تصنيف استعمال الاطفال لشبكات التواصل الاجتماعي ، بالكارثة الثقافية والاجتماعية ، وربما قد يكون الوقت قد حان للتفكير بجدية لاخراج مناهج جديدة للحد من هذه الآفة .

 

حسب رأي الشخصي الابوين هما المسؤولان الاساسيان في تفشي هذه الظاهرة بين  الاطفال الصغار قبل بلوغهم سن الرشد ، والبداية تكون دائما بغرض اٍلهاء الاطفال الذين يصرخون او يبكون او يرغبون لملامسة شاشات الهواتف النقالة والتي تعج بالبرامج الترفيهية – ألعاب الكترونية ، وأفلام كرتونية ، وأغاني ترفيهية وغيرها .

 

مع مرور الوقت تتطور علاقة الاطفال الصغارمع وساءل التواصل الرقمي  بسرعة كبيرة وينتقلون الى استعمال شبكات التواصل الاجتماعي ، وهنا تبدأ الكارثة ويصبح الادمان هو الصفة التي تميز أطفال اليوم عن أطفال الجيل الذي سبقهم .

 

وفي غياب مراقبة الوالدين ينزوي الطفل في زاوية من زوايا المنزل أمام مرئى العائلة ويبدأ في استعمال شبكات التواصل الاجتماعي ، وبعدها ينتقل الى مرحلة الانزواء الفرداني في بيت خال من أفراد العائلة وهنا يدخل في  العالم الافتراضي ، ويبدأ التكاسل في مراجعة الدروس والقراءة والابتعاد عن الاسرة رغم العيش معهم في نفس المكان . وهنا طبعا يتراجع التواصل بين أفراد العائلة ويقل كل ما ينجم عن النقاشات بين أفراد الاسرة ، فيعود السكوت والعزلة والبرودة والجفاف هو سيد الموقف في كل منزل لديهم أطفال صغار.

 

وهنا تختلف تأثيرات شبكات التواصل على الاطفال كل حسب الاباء وتتبعهما لمدة الوقت الذي يقضيه الاطفال الصغار مع الشبكات الاجتماعية ، لكن في الواقع كثير من الأباء لا يولون أي اهتمام وأي مراقبة تجاه أبناءهم ، خاصة الامهات بحكم أن الاباء معظهم يظل غائبا عن الاسرة بحكم العمل .

 

والغريب في الامر أن هناك بعض الامهات و الأباء هم من يمنحون أطفالهم أدوات التواصل الرقمي والتي تمكنهم من استعمال شبكات التواصل الاجتماعية ، وهم غير فاهمين وغير واعيين بأنهم يخربون أبنائهم فكريا وسلوكيا وعقائديا واجتماعيا وثقافيا و….

قمة الانحطاط وقمة أللا مبالات وقمة عدم الادراك لما يمكن يؤدي اليه اٍدمان الاطفال على شبكات التواصل الاجتماعي .

دون أن ننسى أن المسؤولية أيضا تعود الى الجمهور الغفير الذي يتهافت على متابعة صناع هذه الفيديوات ، والمحتويات ، والذين يتحولون بين عشية وضحاها الى ما يسمى بمؤثرين على مواقع شبكات التواصل الاجتماعي ، وما يزيد الطين بلة ورغم التفاهات التي تنشرها غالبيتهم  ، يتم استدعائهم الى القنوات الرسمية ، والتي تخصص لهم مقابلات تلفزية  فوق العادة مع تعويضات عالية نظير قبولهم دعوة الحضور  .

 

وهناك من يتلقى من هؤلاء الاطفال الصغار ، دعوات رسمية للمشاركة في برامج وأفلام وأغاني ، انطلاقا من الشهرة التي اكتسوبها من شبكات التواصل الاجتماعي والتي تكون في هذه الحالة بمثابة شهادة عالية تفوق شواهد المعاهد العليا للفن والمسرح والتواصل .

 

من جهة ثانية ، محتويات شبكات التواصل الاجتماعي لا تخضع لأي مراقبة ، ولا أي متابعة ، والعجيب في الامر أن أصحاب النفوس الضعيفة والغير السوية أصبحت كثيرة ، وهو ما يبرر تدفق منسوب صناعة الفيديوات الخبيثة المليئة بالميوعة وقلة الادب ، وما لا يبشر بالخير هو نجاح هذه المحتويات من خلال ارتفاع عدد المشاهدين ، وهو ما يعني أن ثقافة التفاهة أصبحت سائدة في المجتمعات . ومن المفارقات العجيبة في المغرب مثلا ، هو تشجيع بعض الاباء لابنائهم في سن الرابعة من العمر لانتاج فيديوات ومحتويات  بغية الحصول على المال تحت غطاء الموهبة ، والعسير في الامر أن العدوى تنتقل بشكل مباشر الى أطفال صغار في ربوع المملكة  في سن مبكرة ، حيث يحاولون بشتى الوسائل لتقليد من سبقهم في الميدان لاثارة الانتباه وجمع أكبر عدد من المشاهدين للحصول على المال من الشركات التي تشجع هذا النوع من التجارة بموافقة الاباء والعائلة .

 

النقطة الثالثة ، والاخيرة وهو الاعلام الرسمي والذي لا يبذل أي جهد للتحسيس بالعواقب الوخيمة التي يمكن أن تترتب على استعمال الاطفال الصغار لمواقع شبكات التواصل الاجتماعي والتي تعود مسؤوليتها الى الاباء وأولياء الامور بالدرجة الاولى ، والمتابعين بالدرجة الثانية .

 

المعادلة التي حيرت علماء علم الاجتماع هي المفارقة الكبيرة بين من يلقي محاضرة في علم من العلوم ، وبين من يسجل محتوى الرقص والغناء والتفاهة على مواقع التواصل الاجتماعي .

 

 

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات

error: Content is protected !!