حركة 20 فبراير و ماذا بعد؟
البدالي صافي الدين/المغرب
نشأت حركة 20 فبراير المغربية سنة 2011، في سياق دولي و عربي عرف عدة تحولات على المستوى الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي ، حيث تمكنت الإمبريالية العالمية من التحكم في كل المنافذ الاقتصادية عبر العالم و تمكنت من خنق الاقتصاد العربي بفعل سياسة التبعية و التهديدات الأمنية في أفق برنامج الشرق الأوسط الكبير الذي دعا إليه الرئيس الأمريكي الأسبق بوش، مما جعل الأنظمة العربية تضرب الخناق على الحريات العامة و تفشل في تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية. هذا الوضع على المستوى العربي جعل شارعه يخرج في تظاهرات عارمة خاصة بعد نجاح الانتفاضة الشعبية في تونس في 2011 و سقوط نظام زين العابدين بن علي، إنه الربيع العربي الذي انطلق في بعض الدول العربية، هنالك دعا الشباب المغربي عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى التظاهر في 20 فبراير/شباط 2011.
لقد عرف الشارع المغربي خروج شباب ينتمي لقوى اليسار، و انضمت إليه قوى مدنية وسياسية وحقوقية تؤمن بالتغيير، تحت شعارات موحدة و بتدبير تنسيقيات محلية و وطنية، فتوالت دعوات الشباب إلى التظاهر. و ظهرت معالم المطالب الاساسية، السياسية و الحقوقية و الاجتماعية، التي تتلخص في إصلاحات حقيقية، منها الكرامة و العدالة الاجتماعية، و مؤطرة بشعارات تطالب برحيل الفساد و المفسدين و شعارات تطالب برحيل شخصيات من المربع الملكي. لقد كان الهدف الأسمى للحركة هو تحقيق العيش الكريم والكرامة في مغرب حر و ديمقراطي حقيقي .
عرفت حركة 20 فبراير امتدادات سياسية و حقوقية و استقطبت الرأي العام الوطني و العربي بل حتى الدولي. لقد أرعبت الحكام وأصحاب الريع و الامتيازات و ناهبي المال العام بتنظيمها و بوحدة صفوفها و بمسيراتها السلمية الحضارية /المتحضرة، حتى صارت الصوت السياسي و الحقوقي في الساحة الوطنية على الإطلاق، مما عجل بالإعلان عن تغييرات في الدستور بمساهمة بعض الهيئات السياسية و النقابية و شخصيات مختصة وهو الدستور الذي تم عرضه على الاستفتاء الشعبي ليصبح دستور 2011، الدستور البديل. وأمام تزايد أعداد كبيرة من الشباب في المسيرات والوقفات التي طالت غالبية المدن المغربية التي تعلن عليها الحركة، تحركت الجهات المعادية لكل تغيير، بما فيهم أحزاب إدارية و الجهات المستفيدة من الوضع للتشويش على الحركة بأساليب غير حضارية (البلطجية). و كانت بداية التصدي للحركة من أجل تمرير انتخابات 2011 البرلمانية، التي دعت الحركة لمقاطعتها، و التي أعطت الفوز لحزب العدالة والتنمية بأغلبية نسبية. و في هذا السياق لم يكن العالم الغربي غائبا عن المشهد السياسي و الحراكي في ربوع الدول العربية التي شملها الربيع العربي في كل من مصر و تونس و ليبيا و المغرب، لقد كان حاضرا بشكل غير مباشر لحماية مصالحه و التخطيط للنظام المناسب له، حتى لا تكتمل الثورة بمعناها الحقيقي و حتى لا يكتمل التخلص من التبعية السياسية و الاقتصادية و الثقافية للغرب. و ما تم تحقيقه على أرض كان مخيبا لآمال الشعوب العربية. لأن الأوضاع لم تزداد إلا بؤسا و تخلفا و هيمنة الرجعية والاستبداد.
في واقع الحال بالنسبة لحركة 20 فبراير في المغرب، و بعد مرور 13 عاما على نشأتها و نضالاتها لم تتحقق الكرامة و لا العدالة الاجتماعية و لا تنزيل ديمقراطية حقيقية ولا القضاء على الفساد و نهب المال العام و على الرشوة واقتصاد الريع. لقد كان الانقلاب على حركة 20 فبراير و على مطالبها المشروعة و على شعاراتها من قبل النظام و أتباعه و من قبل الأحزاب الإدارية التي حملت شعار لا للتغيير وإلى الأبد .