ماهي اسباب الفساد في المغرب ؟
محمد بونوار
كاتب مغربي من بني ملال
رغم تعدد المشارب التي تحفز على الفساد والذي بدأ ينتشر في المغرب ، انشار النار في الغابة ، اليوم وصلنا الى ما يسمى بمفترق الطرق والذي يمكن ان يكون نقطة للتأمل الكبير والتفكير الهادء والرزين للخروج من هذه الازمة الاجتماعية والاخلاقية والسياسية والفكرية والتي أصبحت حديث الشارع والرأي العام ، خاصة بعدما تفجرت ما يعرف بقضية – اسكوبار الصحراء –والتي شملت سياسيين من أحزاب سياسية يشغلون مناصب عالية في مؤسسات الدولة وفي نوادي رياضية كبيرة وفي شركات كبيرة تستفيد من خلال ارواش جهوية ووطنية و….
كما جرت العادة وفي كل مقال سياسي أردد الجملة السحرية بأننا لا ننقل الا الواقع المعاش وهي فرصة لتدارك المواقف والخروج بحلول ومخارج وبدائل لاعادة النظام العام الى سكة القطار ، وليس العكس .
ولهذا يجب ان نضع النقاط فوق الحروف حتى تكون الامور واضحة , وحتى لا يتفاقم الوضع أكثر مما هو عليه اليوم ، وهنا يجب الاقرار أن الفساد كما هو موجود عند علية القوم وهنا أعني المسؤولين الكبار ، فهو موجود ومتداول لدى الموظفين المتواجدين في أسفل الهرم .
وهنا لابد من الاشارة أن الدولة ، أو بصريح العبارة وزارة الداخلية هي المسؤول الاول في هذا الشق .
كيف ذالك ؟
مثلا هناك مؤسسة قائمة بذاتها تسمى المجلس الاعلى للحسابات والتي تراقب الاختلالات بخصوص المال العام ، هذه المؤسسسة تقوم بمهمتها ولها موظفيين وقضاة ومحاسبيين ، تقوم بتفتيش ومتابعة ناهبي المال العام في ربوع المملكة بكل حزم وجدية . لكن هنا نصتدم بالخرق الاول والذي هو سبب كل هذه المشاكل حيث أنه لا تتم متابعة كل من ثبث في حقه جرائم المال وهنا بالدليل والحجة نسجل بعضرؤساء الجماعات وبرلمانيون ومدراء أصبحوا أغنياء من المال العام بين عشية وضحاها ، وملفاتهم جاهزة ، لكنهم لم يمسسهم ضرر ولا متابعة ولا محاسبة .
الخرق الثاني والذي يزيد الطين بلة هو السماح لبعض من ثبث في حقهم الفساد المالي بالترشيح للانتخابات وهذا المنحى يشجع غالبية المرشحين على ممارسة السياسية الخبيثة ويعطيهم فرصة بل فرص للاستحواذ على مراكز القرار والاقتراب من صناديق الدولة بكل اريحية .
وهنا ايضا بالدليل والحجة لائحة طويلة من ممثلي الشعب في البرلمان المغربي ورؤساء جماعات أيضا متابعين في قضايا الفساد المالي ولم تتدخل السلطات المعنية لتطبيق القانون ومنعهم من مزاولة النشاط السياسي .
هذا المعطى هو لب الموضوع وسر تفاقم انعدام المصداقية وفقدان الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة التي تسهر على سيرورة المشهد السياسي العام , وعلاوة على ذالك يمكن اضافة مشكل تزكية الاحزاب والتي تمنح شواهد المصادقة للمترشحين رغم أن القانون لا يسمح بذالك .
حتى لا نطيل الحديث عن الجزئيات تبقى مشكلة عدم تطبيق القانون هو النقطة التي تقلب الموازين وتجعل ثقة المواطن تتراجع بشكل مضطرد مع مرور السنين والاعوام ، وهو الامر الذي يجعل صناديق الاقتراع تعرف تراجعا رهيبا , وعزوف جماعي لدى المواطنين في جل الانتخابات التشريعية والقروية .
هذا النمط في ذات الوقت تجعل المنتخبين يشكلون رويدا رويدا دائرة معارف تحميهم تارة من العقوبات من خلال شبه حصانة وشبه نفوذ ، اضافة الى الفوز بالصفقات العمومية والتي تكون غالبا مشبوهة وغير قانونية .
اليوم وبعد حادث ما يسمى ب – اسكبار الصحراء – وصل المغرب الى مفترق الطرق ، واصبح المشهد السياسي العام لا يتحمل الا خيارين لا ثالث لهما ، الاول هو تطبيق القانون ومراجعة ملفات الفساد والضرب من حديد على ايادي كل من ثبث في حقه الفساد بدون غضاضة وبدون استثناءات ولو كان من كبار المسؤولين .
والخيار الثاني ، وهو التغاضي عن بعض الفاسيدين المرموقين ، علما أنهم يشوهون المشهد السياسي المغربي ، ويضعفون من قوة وهيبة الدولة .
محاربة الفساد ليس بالامر الهين كما يتخيله بعض الناس ، لكن البداية بتطبيق القانون يبقى هو الحل الانسب ولو نسبيا .