حكومة الكفاءات أم حكومة الغلاء
مبارك المتوكل/المغرب
سارت حكومتنا الموقرة على خطا سابقتيها في حربهما على الطبقة المتوسطة بعد أن أذلت وقهرت الشرائح الدنيا من الفيئات الفقيرة . فبعد أن صفت الحكومة المحسوبة زورا على اليسار مع القطاع العام بتحريره مع أنه كان ضمن مشروع التصميم الخماسي مفخرة حكومة الجامعات المتحدة لحزب الاستقلال ثم الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وبشعارات يسارية استكملت تنفيذ برنامج التصميم الهيكلي المملى من طرف البنك الدولي .
حررت قطاعات كانت تعتبر ضامنة استقرار وسلامة البلاد . حررت قطاع السكك الحديدية وقطاع الكهرباء وجاء دور البريد والتلغراف ثم صفت ما تبقى من أراضي صوديا وسوجيطا . ولم تجد حكومة أصحاب الدعوة إلى الإصلاح- رجاء لا تربطوهم بعبده و الأفغاني والكواكبي ومن سار في ركابهم ممن صدقوا النية وأخطئوا الطريق لأن تكوينهم لم يسمح لهم باستيعاب ما يروج من آراء ومذاهب لدى رواد الفكر التقدمي لئلا أقول الثوري في الغرب وهم معذورين في ذلك -. لكن ما عذرنا نحن الذين تربينا على آخر تقليعات الفكر الغربي وما حمله إلينا من معارف واكتشافات يحاول المتزمتون اليوم محاربتها بأفكار وآراء عفا عليها الزمن وطمسها بدعوى سلوك نهج السلف الصالح؟ وقد نسي أصحابها أن حبل الكذب قصير .
العقد الذي تولى فيه الحزب المسمى إسلاميا رأى خلاله المغاربة كثيرا من الفضائع . النصف الأول من العقد كان للكذب والتهريج ولكن معهما قرارات وصفت بأنها إصلاح نظام تقاعد الموظفين وصندوق المقاصة الذي كان الهدف بداية العمل في تصفيته . وبهذا يتأكد أن المقصود بالمفهوم لدى تلك الحكومة هو نقيضه بدليل إن الحالة تنطبق على اسم الحزب نفسه فلا عدالة ولا تنمية مع حكومة بنكيران والعثماني الذين ختما عقدا كاملا بأخبث إنجاز عندما بصم العثماني بكلتى يديه على قرار التطبيع مع العدو الصهيوني بعد أن ورطنا سابقه بنكيران في قرارات لم تتجرأ حتى حكومات سنوات الرصاص على اقتراحها فأحرى تنفيذها .
وجاءت حكومة الكفاءات أي أكبر العقول التي جاد بها الزمان فبدأت ساعية لحل المعضلات التي يتخبط فيها المغرب والمغاربة والتي عجزت كل الحكومات السابقة عن حلها . لقد جاءوا بشعار كفيل بتحويل دولة المخزن إلى دولة اجتماعية تخفف العبء على الفقراء وتوفر مناصب الشغل لملايين العاطلين . صرفت إموال لشراء الذمم وأعطيت وعود بتشغيل العاطلين وتوفير الخدمات الأساسية لإصلاح ما أفسدته العشرية السابقة وانتهت الانتخابات . وما أن استثب الأمر “لحكومة الكفاءات” حتى بدأت تظهر قدرات الأطر الكفأة التي تكلفت بإخراج المغرب من حالة الركود التي خلفتها الحكومات السابقة .
وبدأ البحث عن الأعذار . فإذا كان مبرر أجدادنا إذا أخلفوا الموعد هو”الله يجعل عذرنا شتا”فإن حكومة السيد إخنوش قد وجدت ضالتها في الجفاف أولا مع أن الجفاف في المغرب ليس جديدا. ثم جاءت الحرب الروسية الأكرانية ودون أن تسأل حكومتنا من الظالم أو المظلوم ظلمت الشعب المغربي فبدأت بالاستفادة مما أقرته سالفاتاها من إصلاح لصندوق المقاصة وتحرير الأسعار فألهبت سوق أسعار المحروقات التي يعتبر السيد رئيس الحكومة أكبر مورديها ليبدأ مسلسل غلاء الأسعار وليصبح العذر هو الحرب التي تجري في أرض لا يعرف معظم المغاربة لها موقعا ولا للحرب فيها أسبابا ولا الأطراف المحركة لها ولاالمستفيد منها إلا مستفيدا واحدا هو ذلك الذي اشبعنا وعوداً ثم جاء اليوم يبحث عن الأعذار وما أكثر ما وجد منها .
فهذه الحرب الأكرانية الروسية التي استفاد منها باستمرار توريد المحروقات الروسية بابخس الأثمان ليكون وحده المستفيد من هذا المن دون المغاربة جميعا ثم جاء زلزال الحوز لينتبه إلى أن شعبا كاملا تحرك لإنقاذ ضحايا كارثة طبيعية . تصرف الشعب المغربي في مواجهتها بتلقائية ودون انتظار المخزن ولا حكومته المشغولة بتصنيف المبررات التي تمكنها من تنمية أرصدتها البنكية عوض الإنشغال بتنمبة الاقتصاد الوطني الذي قد يستفيد منه كل الشعب المغربي .
اليوم وحكومتنا تحضر لميزانية 2024 فإنها لن تعجز عن تلمس ووجود الأعذار . فهناك الحرب على غزة التي لم يتردد وزيرها في الخارجية و……الخ عن مطالبة طرفي النزاع بإيقاف العنف ناسيا أن رئيس لجنة القدس هة ملك البلاد الذي من المفروض أن يكون هو وحكومته أ ول المدافعين عن الأرض التي باركها القرآن والتي تضم المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين وأن العالم يعرف وضع الشعب الفلسطيني صاخب الأرض . لا دفاع عن القدس ولا تراجع عن التطبيع ولا تشغيل للعاطلين ولا رخاء يشعر فيه المواطن بكرامته في وطنه ولا دور لما سمي بالدولة الاجتماعية بل بالعكس ضرب الخدمات الضرورية التي هي مبرر وجود الدولة كمدبر للعلاقات الإجتماعية فما الفائدة من مبرراتكم يا سيادة رئيس الحكومة المحترم إذن ؟
لقد أوغلتم في تسليع الخدمات الأساسية من تعليم وصحة وأمن وشرعتم تفاحش الغلاء من خلال مشروع ميزانية السنة القادمة بسعيكم إلى الإلغاء النهائي لصندوق المقاصة وعوض أن تسلكوا الطريقة التي ألفتموها بالزيادة المباشرة في أسعار المواد الأساسية فقد فضلتم اللجوء إلى إقرار زيادة في الضريبة على القيمة المضافة لتوفروا دريهمات تشترون بها ود وأصوات الفقراء للانتخابات القادمة دريهمات سيبتلعها الغلاء الذي سلطتتموه على المغاربة لإفقارهم ولتضخيم أرصدتكم في البنوك المحلية والدولية وحاربتم ثم أقبرتم قانون الضريبة على الثروة تنفيذا لوصايا سابقيكم ٠ باعتبار أن الذين يدفعون صامتين هم الأكثرية أما الأغنياء وهم أقلية فهم الأكثر احتجاجا وتقتيرا .