طوفان الأقصى و الفكر النازي
البدالي صافي الدين/المغرب
عودة النازية العالمية عاشت البشرية مدى همجية النازية في الحرب العالمية الثانية خاصة ،وهي حركة تأسست في ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى، وكانت سبباً في حرب شاملة ومدمرة، استعملت فيها جميع الأسلحة المدمرة والفتاكة. و كان النازيون الألمان أكثر عداء للإنسانية جمعاء. هي حرب خلفت عشرات الملايين من القتلى ودمار غير مسبوق في تاريخ الحروب. لم يسلم منها أي إنسان على الأرض، بل حتى الحيوانات و الطبيعة لم تسلم من ويلات هذه الحرب.
وبالرغم من انهيار الدولة الهتلرية النازية على يد التحالف العسكري الغربي و الأمريكي والسوفياتي، إلا أن الجراح التي خلفتها لم تندمل بعد، وأن هواة النازية انبعتوا من جديد في هذا القرن على مستوى الحركات العسكرية والاجتماعيةوالسياسية.
إن ما تعرفه الساحة الفلسطينية الآن من هجوم همجي أعمى دي ألوان وحشية على قطاع غزة من تقتيل للمدنيين و للأطفال و النساء، ومن تنكيل للشعب الفلسطيني بكامله،هي أفعال من صلب النازية التي من أهدافها التصفيات العرقية و سفك دماء الأبرياء.
لقد كشفت حركات المقاومة الفلسطينية منذ آخر اجتياح إسرائيلي لرام الله وطولكرم في أبريل 2002 مدى و حشية هذا الكيان الذي استعمل في اجتياحه طائرات اف 16 الإسرائيلية والمروحيات و أباتشي الأميركية، وهي الغارات التي ظلت متواصلة على مدينة طولكرم في الضفة الغربية حيث أصيب عدد كبير من الفلسطينيين من بينهم 50 عنصر من الأمن الفلسطيني. وتوالت الغارات الجوية آنذاك بالصواريخ على مقر قيادة أجهزة الأمن الفلسطينية و مقر القيادة الفلسطينية، منها مقر الرئيس ياسر عرفات الذي ظل محاصرا إلى أن استشهد سنة 2004.
لقد كشفت المقاومة الفلسطينية بعد آخر اجتياح سنة 2002 مدى همجية الكيان الإسرائيلي / الصهيوني الذي يجد في حمايته الدول الإمبريالية التى تعترض عن إدانته في المحافل الدولية أو عن عقوبات في حقه باستعمال حق الفيتو، و بالمقابل يوصف الفلسطيني المقاوم للاحتلال بالإرهابي. هي معادلة قانون الغاب.
إن فصائل المقاومة بعد مدة من انتظار عدالة المنتظم الدولي و المساندة القوية بدون خلفية سياسوية للأنظمة العربية، بدل سكوت ينم عن زرع التفرقة بين الأشقاء اكتملت عندها، أي المقاومة الفلسطينية، القناعة بأن لا سلم و لا سلام مع النازيين الجدد الذين سعوا إلى إحياء وإرجاع الإيديولوجيا النازية و ترويج الكراهية.
لقد وجدت المقاومة الفلسطينية نفسها أمام خيار واحد لا ثاني له، ألا هو المقاومة الشاملة بالاعتماد على الذات و على الاستشهاد من أجل التحرير الكامل. لقد كان يوم السبت 7 أكتوبر يوم هجوم على الاحتلال،يوم بداية خلخلة الثوابت عند فلول النازية و المرتزقة من الأنظمة العربية و الأوروبية بأن صوت التحرير لا يمكن دفنه إلى الأبد تحت أية ذريعة أو تحت أي مبرر، و سرعان ما اهتز الكيان الصهيوني ليكشف عن همجيته و عن طغيانه باستهداف النساء و الأطفال و المستشفيات و المساجد و فرض حصار على القطاع. و تحركت الأبواق المأجورة لتشويه عنصر المقاومة ووصفه بالإرهاب، و من هذه الابواق، أبواق أنظمة عربية التي استعملت في تعاطيها مع الحدث ديوان بوش و من جاء من بعده من رؤساء أمريكا الذين كانوا وراء تأسيس الجماعات الإرهابية و نسبها إلى الإسلام في أفغانستان و في العراق و في الشام مثل تنظيم” داعش ” الذي لا قضية له إلا زعزعة استقرار وأمن الشعوب العربية والإسلامية. ولا يمكن مقارنة هذا التنظيم منعدم الهوية كتنظيم له المواصفات الإرهابية بفصائل المقاومة الفلسطينية بجميع تلاوينها التي تواجه الاحتلال الإسرائيلي/ الصهيوني .
المقاومة و تعاطف شعوب العالم:
لما فاجأت حماس العالم بهجومها المباغت على جيش الاحتلال الصهيوني في عملية طوفان الأقصى يوم السابع من أكتوبر 2023 تزعزع عرش المحتل الغاشم و تزعزع عرش القوى الإمبريالية والرجعية العربية و اتباعها حتى داخل فلسطين. لقد سارع الكيان الى التهديد بالدمار الشامل لقطاع غزة و إلى سحق الفلسطينين و إخراجهم من أرضهم ليتيهوا بين الدول و تنتهي قضية فلسطين. ولم يتأخر التنديد بالمقاومة من طرف أمريكا وبعض الدول الأوروبية و ابواق من أشباه المفكرين المتصهينين في المغرب و في أوروبا ،لكن وجدوا أمامهم شعوب العالم ترفضهم و سياستهم و تتضامن مع قطاع غزة و مع المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي/ الصهيوني. لقد خرجت شعوب العالم في مسيرات حاشدة معبرة عن كراهيتها لأنظمة الدول الإمبريالية وفي مقدمتها أمريكا و هي تبعت رسائل لها أهميتها في المستقبل، لأنها تكشف عن التغيير الذي عرفه ضمير الشعوب الذي أدرك بأن ديمقراطية الأنظمة الإمبريالية إنما هي ديمقراطية حمراء ملطخة بدماء الأبرياء في فلسطين و في إفريقيا و في العراق و في سوريا. إن المقاومة ضد الاحتلال و ضد النازية الجديدة أمر مشروع و إن سفك الدماء و الانتعاش السياسي على حساب دماء الشهداء و الأبرياء في فلسطين بكاملها هو أمر مدان و منبود. و الذين خلقوا كيانا غريبا عن أرض الفلسطينيين لهم موعد مع التاريخ، لأن إسرائيل ليست دولة أصلا بل هي كيان صنيع الصهيونية العالمية و يحتضن النازية الجديدة التي مكتوب لها أن تزول على أيدي الفلسطنيين .