حكومة أخنوش و الطنز العكري
البدالي صافي الدين/المغرب
“الطنز ” هي كلمة لها أصلها في اللغة العربية الفصحى. فالطنز ” إسم و مصدره من فعل “طنز” أي سخر واستهزأ وقلل من شأن الآخر، و “الطناز” هو شديد الطنز أي الساخر ،و “طنز به” أي سخر منه. أما الطنز العكري فهو الطنز المفضوح الذي يظن صاحبه أنه يستبلد الناس فيفشل في طنازه أو طنزه. و في أوساط المجتمع المغربي يصف أي قضية خارج السياق وخارج المنطق و الجدية ب “الطنز العكري” و أن الشخص الذي يطرح هذه القضايا ب “الطناز” أي يظن أنه يستبلد الناس أو يظن بأنهم غير واعين.
الكلام هنا ينطبق على حكومة أخنوش التي تطنز ب ” الطنز العكري” على الشعب المغربي، إذ تريد في كل مرة أن تصرف الشعب عن القضايا الأساسية المرتبطة بحياته اليومية و ما تعرفه من صعوبة في العيش الكريم، نتيجة تنامي الفوضى في الأسعار و بفعل حماية شركات المحروقات التي تشعل النار في الأسعار و تحرق جيوب المواطنين و المواطنات كي تربح الملايير يوميا على حساب الشعب المغربي و على حساب قوته اليومي.
فبدل أن تستجيب للمطالب الشعبية التي تتجلى في مراجعة الأسعار ومراقبتها و الحد من مظاهر الفساد و نهب المال العام و من رشوة، و بدل تنزيل قواعد العدالة الاجتماعية والسعي إلى تحقيق ديمقراطية حقيقية، و بدل الحد من ظاهرة الإفلات من العقاب و ربط المسؤولية بالمحاسبة، تخرج بغير ما هو منتظر في هذا الظرف المشحون بغضب شعبي و بتبيعات زلزال مناطق الحوز، تخرج بمراجعة مدونة الأسرة، لتجعل من هذه المراجعة حدثا مهما و رئيسيا حتى لا تصرف الشعب عن المطالبة بالعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات و بالديمقراطية الحقة، و حتى لا يهتم بقضاياه المستعجلة والمؤجلة، منها الأعطاب التي يعرفها برنامج إعادة بناء وهيكلة ما خلفه الزلزال من دمار و إيواء المنكوبين في ظروف سليمة و صحية خاصة وأن فصل الشتاء على الأبواب،كذلك الأعطاب التي يعرفها الموسم الدراسي 2023/ 2024، أعطاب تربوية و تعليمية بارزة على مستوى البرامج والمناهج وعلى مستوى تأهيل المؤسسات التعليمية التي جلها تعرف الهشاشة من حيث جودة الاستقبال و توفير مناخ تربوي و تعليمي/ تعلمي ملائم لضمان جودة تربوية و مردودية مرجوة و ضمان ثقافة اجتماعية و بيئية سليمة.
بدل هذه الانشغالات التي تشغل الشعب في هذا الظرف والتي هي من أولوياته، تجعل الحكومة من المدونة حدثا بارزا، إنه ” الطنز العكري “. و على المستوى الصحي حيث أصبحت غالبية المواطنين و المواطنات يعيشون تحت رحمة المصحات الخاصة لما انهارت خدمات المستشفيات العمومية و تحولت إلى مراقد للموت وليس للعلاج.
إن الشعب ينتظر من الحكومة في هذه الظرفية المركبة و المعقدة قرارات جدية و ليس ” الطنز العكري”. أما المدونة فهي شأن لا يجب أن يشكل أرضية للمزايدات السياسوية و للاجتهادات خارج السياق الثقافي و الاجتماعي و الاقتصادي و الديني، و خارج المنطق الديمقراطي الذي يفرض المساواة بين الحقوق و الواجبات، و لا يمكن لهذه المدونة أن تجد استجابة شاملة مع وجود الفقر المدقع الذي يصيب غالبية المغاربة، لأن الفقر هو أصل الطلاق و النزاعات بين الزوجين و أصل زواج القاصرات و أصل الأطفال المحرومين و المتخلى عنهم.
حكومة أخنوش منذ توليها مسؤولية تدبير الشأن العام وهي لا تلجأ إلا الى أساليب ” الطنز العكري” .