بنكيران.. جاهل بتاريخ الحوز
لماذا تتشفى بأهلنا المنكوبين بالزلزال؟
منعم وحتي – المغرب
إن تجار الدين، ومرتزقة النوائب التي تصيب الناس، هم شر البلية، إذ يستغلون هشاشة وقلة معرفة البسطاء، لبث سموم استعبادهم للعباد، وذلك قصد تشكيل جيش من الأتباع، والهدف قضاء مآرب خاصة لجماعتهم، وتركيز نفوذهم بإفساد معتقدات العامة.
فليعلم المدعي بنكيران، ووراءه شلة المصباح المعتم، أن بيانهم الأخير الذي يُحَمِّلُ ساكنة الحوز والمناطق المنكوبة مسؤولية الزلزال، باعتبار هاته الكارثة في نظره الأعمى غضباً إلهيا على ساكنة المنطقة، والتي يعتبرها بنكيران هذا، قد ابتعدت عن طريق الله، وبأن الزلزال إنذار لهؤلاء السكان البسطاء، الذين لا يعرفون طريق الدين والفضيلة حسب ادعائه، ويتهمهم بالمعاصي المسببة لهذا الزلزال..
هل هناك عبث وعمى للبصيرة أكثر مما قاله بنكيران وتوابعه في بيانهم؟
أنا متأكد أن بنكيران يطلع انتقائيا على تاريخ المغرب حسب هواه ومقاصده النفعية لتوابعه، ولا يؤمن إلا بما رشح من تكفيريي المشرق وعتاة مفتيي قطع الرؤوس من رؤوس الفتنة، من قبيل داعش وأخواتها، ونتذكر دعمه للنفير العام لهجوم التكفيريين بالمشرق.
عودة للتاريخ الصافي للمغاربة، فهل يعلم المدعي بنكيران، أن مسجد تِنْمَل الواقع على طريق الحوز في اتجاه تارودانت، منطقة البؤرة الرئيسية للزلزال، يشكل منارة للتدين المغربي، وقد جمع محرابه كل سكان المنطقة للتعبد، من مراكش وأَمَّ إليه طلاب العلم والمعرفة الدينية من كل ربوع المغرب، بل حتى من المشرق، عبر هذا المسجد والمنطقة، -إن كُنتَ لا تعلم-، وقد انتشرت القراءة الجماعية للقرآن، والتي عُرِفَت ب”الحزب الراتب”، والتي كانت كتاتيب المنطقة المُلْهِم لهاته العادة المنتشرة في كل المغرب ولحدود اللحظة، وكان رفع الآذان من مسجد تِنَْمل منارةً للاعتقاد الديني المغربي، والذي شمل كل مساجد المنطقة، بل كل جوامع المغرب.
ومزيدا من تحفيز التاريخ الديني المغربي للمنطقة، فهل يعرف السيد بنكيران الذي فقد ذاكرته، وانزوى في المتاجرة بمآسي الناس، أن هذا المسجد كان مهد الدولة الموحدية، وكان ممرا إجباريا قبل أي معركة خاضها الموحدون في اتجاه الأندلس، بل إن جيوش المغرب إذاك مروا إلى إشبيلية عبر تِنْمَل، وكانت المنطقة بوصلة وحدة المعتقد والوحدة الاجتماعية، كبوابتين للنصر في المعارك، ويذكر التاريخ مرور ابن رشد الفيلسوف والفقيه المتنور مع الوفد بتنمل، وتجسيد نصر معركة الأرك، فهل يتعض المدعي بنكيران بالعقل المتنور للفقيه ابن رشد، هذا الأخير الذي واجه أمثال بنكيران الذين يستغلون الدين لقهر الناس.
هل يعلم بنكيران بأن في منطقة الحوز مئات المساجد والكتاتيب، وحفظة القرآن في كل بيت، فكيف خولت لكم أنفسكم يا أتباع المصباح المعتم أن تتهموا ساكنة المنطقة بأن الله عاقبها بالزلزال على ارتكاب الذنوب والمعاصي !!؟. إن من يستحق الغضب الإلهي والرجم بطيور الأبابيل هي حكومة “العدالة والتنمية”، والتي على مدار 10 سنوات في ولايتين حكوميتين لم تُعِرْ هاته المناطق المنكوبة أية أهمية، وأية التفاتة لتنميتها.
إن أهلنا بالمناطق المنكوبة للحوز وشيشاوة وتارودانت وورزازات ودمنات وأزيلال،.. أكثر تدينا من تجار الدين بجماعة المصباح المُظلِم. وعليه فلا يمكن أن نستند إلا إلى حكمة النص، ونصدح بمِلء صوتنا:
“إن جاءكم فاسق بنبإٍ فتبينوا”.
ملحوظة لها علاقة بما سبق: تعرضت أغلب المساجد بالمنطقة بفعل الزلزال للهدم أو التشقق، فانسجاماً مع ما يدعي بنكيران، فهل انهيار الجوامع هو غضب إلهي على بيوت الله !! يا له من منطق كارثي. فلتترجل أيها المدعي على صهوة البؤس الفكري، لقد أَصَبْتَ أُسَرَ أهالينا هناك في كبدهم.