زلزال 8 شتنبر كشف المستور
البدالي صافي الدين/المغرب
الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز ليلة الجمعة 8 شتنبر 2023 كشف عن واقع مركب مخفي، سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا وثقافيا . فعلى المستوى السياسي كشف هذا الزلزال عن غياب حكومي حينما أصابت الكارثة مناطق الحوز، هو غياب حكومي غير مبرر عن مسرح الأحداث الذي عرف حضور تضامن شعبي واسع من جميع المناطق المغربية إلى جانب فرق الإنقاذ والإغاثة الوطنية و الدولية. هذا التضامن الذي ملأ الفراغ الحكومي والبرلماني جعل المغاربة يشعرون بحركة الحكومة،لأنه لا ظهور لأي وزير من حكومة أخنوش في الميدان للتعبير عن تضامنه مع العائلات المكلومة باستثناء وزيرة. إنه في هذه الحالات و في الدول التي تحظى بحكومة من الشعب وإليه تجدها في مقدمة الأحداث و لا تطل على الشعب من نوافذ التلفاز.
أما البرلمان المغربي فإن الزلزال كشف عن مقاصد أهله و عن ضعفهم السياسي و عن عدم ارتباطهم بساكنة المناطق المنكوبة، مناطق مصنفة ضمن المغرب المنسي التي ظلت تعيش مشاكل متعددة وفي مقدمتها مظاهر الفقر وانعدام بنية تحتية تساعد على الاستقرار و على العيش الآمن. إنه المغرب غير النافع كما يدل على ذلك واقع تلك المناطق الذي اتخذ منه تجار الانتخابات مجالا مناسبا للاحتيال على أهله بالوعود الكاذبة طمعا في المقاعد والمناصب ليس إلا .
أما على المستوى الاقتصادي، فإن الزلزال كشف غياب الحكومة و البرلمان معا و المجالس المحلية و الإقليمية و الجهوية في مجال التنمية المستدامة وتنمية القدرات المحلية، الصناعية و الزراعية و تربية المواشي. وكشف الزلزال إلى أي حد أن تهميش هذه المناطق كان هو الحاضر و الاعتبار الإنساني ظل هو الغائب. فالبنية التحتية ظلت تعرف الهشاشة و الإهمال و البرامج المخصصة لتنمية العالم القروي كانت عبارة عن ذر الرماد في العيون .لأن المسؤولين من حكوميين وبرلمانيين لم تكن تهمهم معاناة الساكنة بقدر ما تهمهم منافعهم و ما يكسبونه من وراء الخدمات المغشوشة التي شابت المسالك الطرقية و القناطر و المدارس. قد كشف الزلزال عن عمق الفساد و تداعياته الخطيرة على الساكنة و كان من العوامل الرئيسية التي ضاعفت من عمق الكارثة .
أما على المستوى الاجتماعي والثقافي فإن هذا الزلزال كشف عن عظمة الشعب المغربي وعن قدرته على التحدي بفعل التضامن التلقائي و بفعل تلاحم القوات العسكرية و المدنية و المجتمع المدني وتحويل المنطقة إلى ورش كبير تفاعل فيه الإبداع في الإنقاذ و في التأطير و في الحماية و الرعاية الصحية والاجتماعية و في تنشيط الأطفال المصابين، مما جعل الرأي العام الوطني والدولي يقف منبهرا أمام عظمة هذا الشعب و أيضا أمام الجالية المغربية التي أبانت عن مشاركتها الفعالة ماديا و أدبيا في هذه المحنة.
إن الشعب المغربي شعب عظيم في حاجة إلى حكومة وطنية ومواطنة و إلى برلمان وطني و مواطن و الى ديمقراطية حقيقية لا إلى ديمقراطية الواجهة.