ماذا عن التطبيع المغربي الإسرائيلي بعد سنتين و 8 أشهر على توقيعه
محمد الغفري/المغرب
بعد مرور أزيد من سنتين و 8 أشهر على توقيع الاتفاقية الثلاثية لتطبيع العلاقات الرسمية والعلنية بين المغرب و “إسرائيل” هل يمكن الحديث عن فشل أو نجاح هذا التطبيع؟ وأين وصلت العلاقات المغربية “الإسرائيلية” ؟.
شكل مشهد توقيع الحكومة المغربية بقلم رئيسها سعد الدين العثماني يوم 22 دجنبر 2020 على اتفاقية تطبيع العلاقات الرسمية والعلنية بين المغرب و “إسرائيل” بحضور الولايات المتحدة ممثلة بمستشار رئيسها وصهره السيد جاريد كوشنر صدمة بالنسبة لأغلب المغاربة بما فيهم قواعد الحزب الموقع على الاتفاقية ، و مفاجأة بالنسبة للمطبعين في السر والذين كانوا قبل هذا التاريخ ولازالوا يسترزقون من الكيان الصهيوني في إطار استعدادات الصهاينة لجعل التطبيع المغربي تطبيع رسميا وشعبيا.
على المستوى الرسمي.
نتتبع نحن المغاربة تطور العلاقات المغربية “الإسرائيلية” الرسمية والتي حسب مضمون الاتفاق الاعتراف بسيادة المغرب على كافة منطقة الصحراء الغربية من طرف الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وحلفائهما.. لكن شابت هذه العملية تعثرات كثيرة حيث لم يتحمس الرئيس بايدن مثل سابقه ترامب في تأكيد المرسوم الرئاسي لسلفه بل وحتى الكيان الصهيوني الوفي لعادته بعدم الالتزام بوعوده لم يعترف بسيادة المغرب على كامل الصحراء الغربية إلا بعد 30 شهر من توقيع الاتفاقية..
واقتصر فتح القنصليات في مدن الداخلة والعيون على دول شقيقة وصديقة للمغرب بمجودات الدبلوماسية المغربية بينما أمريكا و “إسرائيل” وبعد الاعتراف الشفوي لم تفتحا حتى الآن (شتنبر 2023 ) أي قنصلية لهما.
إذا مادا استفاد المغرب الرسمي حسب مضمون الاتفاق وحسب رسالة الاعتراف الصهيونية؟ استفاد حتى الآن اعترافا شفويا بسيادة المغرب على صحرائه التي هو أصلا موجود فيها منذ اضطرار المحتل الاسباني لمغادرتها سنة 1975.
ماذا استفادت “إسرائيل” ؟
استفادت اختراقها لمجمل مؤسسات الدولة خاصة الدفاع والأمن وخروج ذيولها المرتزقين للعلن محاولين تقديم ” إسرائيل” بصورة الحمل الوديع صديق الإنسانية..
على المستوى الشعبي :
تصدى المغاربة لفكرة التطبيع مع الصهاينة منذ الإعلان عنها يوم 10 دجنبر 2020 حيث أصدرت القوى الشعبية بيانات منددة بالخطوة التطبيعية ونزلت جحافل التدخل السريع العسكرية يوم 14 دجنبر لتمنع احتجاجات شعبية مدنية سلمية ضد التطبيع، وشكلت القوى الشعبية تكتلا مناضلات ضد التطبيع حمل اسم الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع ضمت كل الهيئات السياسية والنقابية والحقوقية التي رفضت التطبيع صراحة واستثنت القوى التي صمتت أمام التطبيع..
الجبهة نظمت أشكالا احتجاجية في أزيد من 60 مدينة مغربية وعند كل خطوة تطبيعية في مجالات الدفاع والتجارة والسياحة والثقافة والرياضة والتعليم والإعلام والأمن كانت الجبهة ومكونات الجبهة تصدر بيانات التنديد وتحتج بوقفات احتجاجية ميدانية وعند كل فعل إجرامي يرتكبه الكيان الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني كانت مكونات الجبهة تنزل ميدانيا للتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني والتنديد بالجرائم الصهيونية في حق الشعب الفلسطيني.
إذا رفض الشعب المغربي بمختلف أطيافه التطبيع مع الصهاينة وحصل فرز بين الأحزاب السياسية المغربية بين رافض صراحة للتطبيع وجميعهم ضمن مكونات الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع وأحزاب صمتت أمام التطبيع رغم أن العديد من مناضليها يعبر صراحة عن رفضه التطبيع وأحزاب أيدته صراحة وفعلا وهي تقود اليوم الحكومة… وهو فرز مكرر بحيث أن الأحزاب التي رفضت صراحة التطبيع مع الكيان الصهيوني هي نفسها الأحزاب التي ساندت حركة 20 فبراير المطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
لماذا الكيان الصهيوني وليس ما يسمى “إسرائيل”؟
أولا لان الشعب المغربي لا يعترف بما يسمى “إسرائيل” كدولة بل إن هناك كيانين في العالم لم يعترف بهم أبدا الشعب المغربي، هما ما يسمى “البوليزاريو” و ما يسمى ” إسرائيل” لأنها بالنسبة للمغاربة كيانات مزروعة غصبا في أرض لها أصحابها الشرعيين.
ثانيا لأن المغاربة يعتبرون التطبيع مع الكيان الصهيوني تبييض لجرائم الكيان في حق الشعب الفلسطيني بل وخيانة لدماء الشهداء الفلسطينيين والشهداء المغاربة على أرض فلسطين منذ صلاح الدين الأيوبي إلى اليوم
ثالثا لان التطبيع مع الكيان الصهيوني يجعل المطبع شريكا في كل الجرائم الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني وضد الإنسانية في العالم.
كل هذه الاعتبارات تجعل التطبيع الشعبي مع الكيان الصهيوني عصيا ومرفوضا شعبيا من كل أطياف الشعب المغربي بألوانه الفكرية والحقوقية والإنسانية الأممية والدينية.
نعم فشل التطبيع رسميا لأنه لم يحقق الوعود المزعومة وفشل شعبياً لان الشعب المغربي عصي على التطبيع مع الكيانات المؤقتة والمجرمة فالشعب المغربي صانع الملاحم في أفراحه وآلامه هو شعب مناصر للإنسانية وللسلم والسلام بين الشعوب.