كارثة الزلزال و معاني التضامن الشعبي المغربي
عبد السلام المجلاوي/كندا
ما أن سمع الناس بنتائج الزلزال الذي عرفه المغرب ومنذ الساعات الأولى صباح السبت 9 شتنبر 2023 حتى انطلقت حملات التضامن والتآزر في كل المدن والقرى التي لم تتضرر من الكارثة. بل تحركت الجالية المغربية المقيمة بالخارج بكل مكوناتها الاجتماعية والاثنية والجغرافية.
لم يكن أحدا يتنبأ (حتى علماء التتبع الجيولوجي) بحدوث تلك الكارثة الطبيعية وفي تلك الساعة المتأخرة من الليل، وهذا قد يحصل في اي مكان وزمان نتيجة التحولات المناخية والجيولوجية الخ.. الا أن ما آثار إعجاب الجميع و الفخر، أمام الفجعة وأمام هول النتائج في الأرواح و في الخسائر المادية التي لا يمكن حصرها الان، هو تدفق روح التضامن من طرف الجميع، وخاصة الطبقات الفقيرة والمتوسطة في مختلف المدن المغربية التي وضعت جانبا مشاكلها اليومية مع الأسعار و الدخول المدرسي و غلاء المعيشة وبطالة الشباب واضراب الدكاترة، لتتعبأ للمساعدة والتضامن بكل ما تملك.
ليس الظرف مناسب لمحاسبة المسؤولين عن الأوضاع المزرية لتلك المناطق المهمشة منذ عقود، ولا لمساءلة المنتخبين الجهويين والمحليين عن الفساد في تدبير الشأن العام…لن ندخل في هذا الباب حاليا، لأن الظرف يفرض التضامن الوطني ومساهمة الجميع، من جهات رسمية و منظمات سياسية وجمعوية ومبادرات فردية متجهة كليا إلى إنقاذ ما يمكن انقاذه و مساعدة وعلاج الجرحى وايواء المشردين وإعطاء أهمية خاصة للناجين من براثن الموت، ومن فقد جميع أعضاء العائلة وخاصة الأطفال اليتامى والمعوزين. والاهتمام بالعلاج النفسي خصوصا، لأن المغاربة لا يهتمون كثيرا بهذا الجانب الصحي مع الأسف.
ـ لقد سجلنا بفخر كبير كفاءة الفريق متعدد التخصصات الذي أسندت له مهام الإنقاذ، من جيش و رجال المطافئ والطاقم الصحي وغيرها …كما أن منظمات المجتمع المدني داخل وخارج الوطن تحركت بشكل عفوي وسريع لدعم المجهود الرسمي وهذا تعبير عن أهمية المساهمة الشعبية في التنمية والاستقرار والأمن. ويبقى على المسؤولين أن يستوعبوا الدرس ويفتحوا الباب لحوار وطني واسع لاعادة البناء الشامل. بناء السكن والمدرسة، وكذلك إعادة بناء وطن خالي من القمع وضرب الحريات وفتح المجال لتحقيق ديمقراطية وتنمية مستدامة. وفي مقدمة كل شيء إطلاق سراح معتقلي الرأي و سن سياسة اجتماعية اندماجية و التقليص من الفوارق الطبقية.
ـ الرحمة لشهداء الزلزال والتعازي الحارة لعائلاتهم.
ـ لنجعل من هذه الكارثة انطلاق أوراش اجتماعية سياسية واقتصادية بعيدة المدى وباشراك الجميع في الاستفادة من خيرات الوطن الطبيعية والبشرية