الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

الشعب المغربي يدبر أمره بدون حكومته

 

 

البدالي صافي الدين/المغرب

 

 

الزلزال الذي أصاب المغرب ليلة الجمعة 9 شتنبر من السنة الجارية و الذي ضرب بقوة منطقة الحوز ، وجد المغاربة على أهبة التضامن المطلق و الفعلي و العملي بتقديم المساعدات الأولية و بالتواصل و القيام بعملية تحسيس الرأي العام الوطني والدولي بهول الحدث و تحديد المناطق المنكوبة عبر قنوات التواصل الاجتماعي.

 

المغاربة يد واحدة:

 

لم ينتظر المغاربة إذنا حكوميا كي يسارعوا الى إنقاذ إخوانهم من تحت الأنقاض ،ولم يبالوا بالألوان السياسية و لا بالانتماءات الجهوية أو الإقليمية أو القبلية أو اللغوية. إنها طبيعية ينفرد بها الشعب المغربي في الأزمات الإنسانية و في الكوارث الطبيعية منذ التاريخ ، إنه سلوك يسري في دم المغاربة المخلصين لأرضهم و لأصولهم العريقة في التاريخ . لقد هبوا في حينها بالتبرع بالدم و جمع التبرعات العينية و عملية مواساة الأسر المنكوبة.لم يكن الشعب المغربي ينتظر حكومة حتى تقوم من سباتها العميق و لم ينتظرونها كي توفر شروط الإنقاذ، لأن عوامل التضامن و التآزر والتآخي كانوا سباقين إلى ساحات الأحداث ، ولأن ماضي المغاربة التضامني هو الحاضر في اللحظة و هو المستقبل . إنه موقف المغاربة التضامني الذي نال تقدير الرأي العام العالمي و المنتظم الدولي . إن زلزال الحوز استنهض القيم التضامنية التي هي من شيم المغاربة و جاء ليظهر للعالم عن المعدن النفيس للمغاربة في وقت الأزمات و عن اعتزازهم وفخرهم بمغربيتهم و عن غيرتهم على وطنهم وعلى بعضهم البعض، رغم ما يتربص بهم من مفسدين ومن وصوليين و انتهازيين وتجار المآسي والكوارث. و في هذا السياق يذكر ذ بنزاكور احد الأخصائيين في علم النفس الاجتماعي حيث قال ” إن القيم التضامنية التي انتعشت بعد “زلزال الحوز” ليست شيئا غريبا على المغاربة؛ بل هي قيم قديمة متأصلة فينا وفي ثقافتنا أنثروبولوجيا”.

 

التلقائية التضامنية للشعب المغربي و تقاعس حكومي :

 

في الوقت الذي هب فيه المغاربة بكل أطيافهم السياسية و النقابية و الجمعوية إلى جمع التبرعات من مواد غذائية وألبسة و أفرشة وخيام وتنظيم قوافل الانقاذ في اتجاه المناطق المنكوبة رغم المخاطر الممكنة ، لم يكن للحكومة حضور وكأن الأمر لا يهمها و كأنها تخاف من غضب شعبي لأنها تقاعست في تنفيذ المشروع التنموي الذي كان من أولوياته المفترضة تأهيل العالم القروي بما فيها المناطق الجبلية على مستوى البنية التحتية من طرق و جسور و من تغطية اجتماعية من خلال إحداث مراكز صحية عن قرب و مستوصفات و وسائل الاتصال والتواصل . لقد كان من الواجب الوطني والإنساني أن يكون رئيس الحكومة من الاوائل في المنطقة المنكوبة ، لأنه رئيس الحكومة ومسؤول عن الشأن العام للبلاد حسب الدستور .أم كان ينتظر منبهات لوبيات الفساد وناهبي المال العام وتجار الأزمات كي يتحرك ؟ أو أنه كان ينتظر أن تعم الفوضى والارتباك في المبادرة الشعبية ؟ أم أنه أصبح يخاف من أهله و ذويه الذين صوتوا عليه ؟ . فاين هي الخيام و الآلاف من الموائد الغنية بكل أشكال المأكولات التي كان ينصبها في حملاته الانتخابية ؟ «و يمكرون و يمكر الله والله خير الماكرين» ، بل حتى الوزراء لم يظهر لهم أثر في هذه النكبة ، لأنهم بكل بساطة يتوارون عن الشعب المغربي و لا يظهرون إلا عندما تكون عملية توزيع كعكة المناصب على الأهل و الأحباب أو مصالح خاصة ،تلك هي الحكومة الشبح التي لا طعم ولا لون ،حكومة التفاهات ، “الفم ماض و الذراع مقاضي” كما يقول المثل الشعبي .

 

تضامن الشعب المغربي و التعاطف الدولي :

 

لم يكن التعاطف الدولي مع الشعب المغربي من صنع الحكومة بل هو من صنع المغاربة الذين أظهروا للعالم أنهم أخوة مكتسبة و محبة لا تخفيها مساحيق النفاق و الرياء السياسي للظهور بمظهر غير واقعي . المغاربة من طبعهم ينفقون مما عندهم في الشدة و في المحن التي تحل بأسرة أو بدوار أو بحي أو بمدينة أو قرية والأمثلة كثيرة لا يستطيع أحد طمسها . و نضرب مثلا بالطفل ريان الذي سقط في البئر المهجورة حيث كان تعاطف المغاربة و تضامنهم معه و مع أهله عارما. التعاطف الشعبي المغربي ليس له حدود ، إذ يمتد إلى الشعوب المجاورة في الزمن الحاضر و الماضي ،لأنه يعتبر التضامن قضية إنسانية تتطلب التعاون لتجاوز الأزمات الناتجة عن الكوارث.

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات