العشوائية كإستلاب
رضوان الأحمدي/اسبانيا
العشوائية أصبحت سمة قارة في الفكر البشري، لا معايير ناضجة توجه بوصلته و لا قدرة استيعابية انتقائية نقدية تحميه من هشاشته عند كل اشكالية تستفزه تأملا او عمقا.
الفكر البشري تحول الى مدمن الآنية، يستخدم استنتاجاته الواهية دون هوية متميزة تقلب في و الأشياء و تمحصها ريبة من مصداقيتها، منساقا، مريبا، فاقدا لشرعيته الثورية، منزويا في ركن المستملحات التي تفرزها الثقافة الإستهلاكية من مسخ لماهية الأشياء، استئصالا لكل ما يزعزع او يوتر نظام الهيمنة الذي يروج له بكل الطرق و بتستر، مرة استعمالا لصوابية اللغة و الحجاج المبتور المعنى لإخفاء القصد و المنحى و مرة أخرى بإيهام الآخرين بأنه شر لا بد منه و مرحلة انتقالية ملازمة لكل تغيير او تصحيح أو أنه من المستلزمات الدفاع عن المواطنة أو العيش الكريم.
عيش ينزع منك الإستقلالية و يتركك في مهب نزوات و تسلط السوق دون ارادة لمعارضة ما ينافي المباديء الكونية من عدالة توزيعية، الحق في المعلومة الحقة دون تزييف المصادر و الحق في العيش ضمن ضمانات التعايش المنفتح بعيدا عن تسييس الخطابات المناوئة لكل فضاء متعدد المكونات البشرية، بإقحام استراتيجيات تمهوية من أجل حيز أكبر من السلطة و التسلط مع توسيع القاعدة الجماهيرية المنساقة لأحادية الفكر وللقناعات المزيفة.
حقا نحن نعيش في مجتمع مريض انفصامي خائفا على الدوام حتى من ظله، همه التجانس و المشاركة في الفكر الهوسي حفاظا على مأزق وضعه الهش . مجتمع يعرف تشخيصا دائه و لا يحرك ساكنا. كأنه يقلد مسار بعض الحيوانات عند تسأم من نفسها، تهمل نفسها و تبتعد عنها، متاركة أمورها لظروف الزمن بدون أن تقاوم أو تبدي اشارة بأنها مالكة لأليات و لو كانت متواضة من الانبثاق من الرماد كما يفعله طائر الفينق، طائر المقاومة بإمتياز…..