الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

في ذكرى انتفاضة 20 يونيو 1981: احتجاجا على غلاء الأسعار و ضرب القدرة الشرائية

 

 

البدالي صافي الدين/المغرب

 

تستعد الجبهة الاجتماعية المغربية لتنظيم وقفات احتجاجية في جميع المدن المغربية إحياءا لذكرى انتفاضة 20 يونيو لسنة 1981، وهي الانتفاضة التي كانت مصاحبة للإضراب العام الذي دعت إليه الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، احتجاجا على قرار الحكومة القاضي بزيادة في أسعار المواد الأساسية، القرار الذي بثته وكالة المغرب العربي للأنباء في 28 ماي 1981، الذي أشارت فيه إلى” زيادة جديدة في الأسعار بشكل أكبر من السابق: الدقيق 40%، السكر 50%، الزيت 28%، الحليب 14%، الزبدة 76%. وإذا ما أضفنا هاته النسب إلى زيادات 1979 و1980، فيصل المعدل إلى: السكر 112%، الزيت 107%، الحليب 200 %، الزبدة 246%، الدقيق 185%. ” إنه قرار كان بمثابة ضربة قوية بالنسبة للقدرة الشرائية للمواطنين و المواطنات، اتخذته حكومة المعطي بوعبيد التي كان فيها وزير الداخلية هو إدريس البصري.

 

لقد كان للقرار الحكومي وقع على المشهد السياسي و إعلان المعارضة عن رفضها له . لقد كان هذا القرار هو مقدمة الإضراب العام الذي دعت إليه الكونفدرالية الديمقراطية للشغل يوم 20 يونيو 1981،الذي تحول إلى انتفاضة شعبية التي لا يجب أن يطغى عليها عامل النسيان أو التناسي، لأنها أصبحت جزءا من ذاكرة الشعب المغربي و شكلت يوما مشهودا من أيام الجمر الرصاص، الذي كان يوما أسودا على الجماهير الشعبية المغربية بالدار البيضاء وغيرها من المدن المغربية. إنه يفرض علينا أن ننعته باليوم الأسود، لأنه كان يوما دمويا و يوم اعتقالات عمياء وعشوائية. لقد عاشت عدة مدن أحداث مأساوية في هذا اليوم، لكنها كانت قد بلغت ذروتها في الدار البيضاء .

 

ففي صباح يوم 20 يونيو 1981 من القرن الماضي بينما تم تنفيذ عملية الإضراب بكل نجاح في مجموع القطاعات الاجتماعية و الصناعية و التجارية، تحركت آليات المخزن لتكسير الإضراب مما أدى إلى اندلاع مواجهات عنيفة مع رجال الأمن و القوات المساعدة، فتدخلت الآلة العسكرية بإطلاق النار على المحتجين و المتظاهرين تنفيذا لتهديدات الحكومة التي توعدت من قبل كل من استجاب لدعوة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل حيث وصفتها بالدعوة “المارقة”، لكنه كان تهديدا فاشلا. إذ تبين منذ الساعات الأولى ليوم 20 يونيو بأن الإضراب كان ناجحا حيث توقفت حركة السير بالمدينة العمالية و توقفت آليات المصانع و الشركات الكبرى و توقفت عن العمل القطاعات الاجتماعية (الصحة والتعليم وقطاع النقل ) في العاصمة الأقتصادية و في عدة مدن أخرى. فكان رد النظام المخزني هو القمع الشديد و العشوائي و قتل الابرياء بالرصاص، مما خلف مئات الضحايا وآلاف من المعتقلين.

 

و لبست مدينة الدار البيضاء ثوب الحداد وتم منعها من نصب خيام العزاء ، فعم الأسى ساكنة الدار البيضاء و هي تنتظر جثث أبنائها الذين أصابهم رصاص قوات القمع أو عودة المخطوفين والمعتقلين إن كانوا على قيد الحياة . كل درب من دروب المدينة المكلومة أصبح محاصرا من طرف القوات الأمنية و الجيش، إنها حالة الطوارئ، التي فرضها النظام على هذه المدينة المقاومة والمناضلة، مدينة العمال و العلماء و الفقهاء و الباحثين و الفنانة. إنها عاشت حالة الطوارئ بعد يوم الانتفاضة الدامية، عاشت إجراءات حظر للتجول وانتشار الدبابات والعساكر المدججين بالرشاشات وسط الشوارع وحول الأحياء، و كأنها ساحة حرب حقيقية.

 

بعد الانتفاضة أصبح عدد من الأسر في الدار البيضاء و في مدن أخرى يترقبون متوجسين عما ستأتي به الأخبار عن مصير المخطوفين والمعتقلين و المصابين، و ما ستقوله الأخبار الرسمية على القناة التلفزيونية الوحيدة المملوكة للدولة. أو ماذا سيكون الرد الحكومي على الأحداث. ولكن للأسف كان الرد مستفزا لمشاعر المغاربة و للرأي العام الوطني والدولي، وهو رد وزير الداخلية آنذاك إدريس البصري حينما وصف القتلى في هذه الانتفاضة ب ” شهداء الكوميرا ” بنكهة تهكمية و بكلمات مليئة بالتشفي و كأنه انتصر انتصارا عظيما، بينما هو عمل الجبناء ليس إلا.

 

و كان إلى جانب الجرحى والقتلى في يوم الأحداث، الآلاف من المواطنين بالدار البيضاء الذين سيق بهم إلى مراكز حجز، منها ما هو كان معلوما مثل ثكنة للدرك الملكي في “عين حرودة”  قرب الدار البيضاء ومنها من كان مجهولا جعل الأهالي تبحث عن ابناءها في ثنايا الاعتقالات السرية و في ثكنات الجيش بضواحي الدار البيضاء.

 

و لم تنتهي المآسي عند هذا الحد، بل تحركت آلية التوقيفات عن العمل في حق كل من نفذ الإضراب من عمال و رجال التعليم و رجال الصحة على الصعيد الوطني. ثم انطلقت المحاكمات على مستوى مجموعة من المحاكم بالبلاد في كل من الدار البيضاء و مراكش و الرباط و غيرها وتوزيع قرون من سنوات الاعتقال .

 

إن ما عاشه المغاربة في 20 يونيو 1981 في ظل حكومة المعطي بوعبيد و ادريس البصري وزير الداخلية الذي كان المنفذ للقرارات القمعية لحكومة المعطي و ما بعدها، يعيشونه اليوم مع حكومة أخنوش و وزيره في الداخلية لفتيت الذي ينفذ قرار الحكومة القمعية والتعسفية على المتظاهرين واعتقال و متابعة الصحافيين، أي سنوات أخرى من سنوات الجمر و الرصاص بصيغة قمع الحريات والتصدي للمسيرات و الوقفات التي يدعو إليها اليسار أو الجبهة الاجتماعية، أو الجمعية المغربية لحماية المال العام، أو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أو الكنفدرالية الديمقراطية للشغل أو الطلبة الجامعيين. لأنها حكومة جاءت لتكون متسلطة على الشعب في حياته الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و ليست حكومة تطلع على حاجياته، و بذلك تكون سليلة الحكومات السابقة التي استعملت الرصاص لقتل المتظاهرين في 1965 و 1981، و لأنها ليست حكومة عدل و لا حكومة مساواة و لا حكومة كفاءات بقدر ما هي حكومة قمع الحريات .

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات