في ذكرى شهر يونيو: بداية اليقظة و التحرر و الانعتاق
مبارك المتوكل/المغرب
إذا كان شهر يونيو قد جلب النحس للجيران بعد أزمة المروحة والاحتلال الفرنسي فإن يونيو اقترن لدينا ببداية اليقظة والتحرر والانعتاق من هيمنة المستعمر وتحكمه في الأرزاق والأبدان حيث أن أول المعارك النقابية التي شارك فيها الأجير المغربي إلى جانب رفاقه من الأوروبيين كانت هي إضراب 11 يونيو 1936 .
وكانت هذه أول معركة للطبقة العاملة في المغرب شارك فيها على وجه الخصوص عمال المناجم وبرولتاريو المعامل الصناعية . لقد كان العامل المغربي يشتغل لمدة عشر ساعات في اليوم على الأقل وكان يتعرض للغرامات ولم يكن بيد العامل إلا الصبر والتحمل خاصة وقد تضخم عدد طالبي الشغل نتيجة القحط والهجرة القروية فأصبح التنافس بين المشغلين على من يدفع أقل أجر ويستغل أكثر ليوفر ربحا أوفر . كان الاشتغال في المناجم وخاصة الفوسفاط بالجعل(العطش) ولم يكن يدفع مقابل الطن من المعدن المسخرج أكثر من 50فرنكا.
أمام هذه الشروط المجحفة لم يجد العمال بدا من النضال. وبعد أسبوع فقط أي يوم 18 يونيو 1936صدر ظهير يحدد يوم العمل في ثمان ساعات وفرض حدا أدنى للأجر اليومي في اربع فرنكات وألغى نظام الغرامات الذي كان عقوبة تحرم العامل من جزء أجره كما حدد العطلة الأسبوعية والعطلة السنوية . لقد تنبه المسعمر إلى معاناة العمال المغاربة على الخصوص نظرا لتدني الأجور وشضف العيش وضحالة شروط الحياة سكنا ولباسا وصحة.
لم يدفع المستعمر بدباباته لتحصد أجسام المضربين كما فعلت دولة المخزن يوم عشرين يونيو 1981 ولم يسرح عمالا ولا اعتقل مسؤولين نقابيين كما فعل النظام المخزني عندما أغلق مقرات الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ومنع تنظيماتها وأعتقل قياداتها إقليميا ووطنيا وسرح الآلاف من ماضيها ليصبحوا عاطلين…. واستمرت الحياة وأصبحت حكومتنا تفاوض وتوقع الاتفاقات والعهود وياتي شهر يونيو فتضطر الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بعد رفض الحكومة الوفاء بأهم جزء من تعهداتها إلى اللجوء إلى الاحتجاج السلمي . وكان قرار مسيرة يوم رابع يونيو 2023 .
ومرة أخرى تلجأ دولة المخزن إلى القمع فتحرك كل أشكال القوة العمومية لمنع المسيرة رغم أن أطيافا متعددة من مكونات المجتمع المدني ومن التنظيمات السياسية كانت مشاركة أو مساندة لهذه المسيرة وحتى الأحزاب الإدارية أو حليفاتها المشاركة في الحكومة لم تتخذ موقفا ضد الاحتجاج السلمي وكانت الأمور تتطور إلى الأسوء لولا حكمة ورزانة المناضلين . وحده المخزن عاد إلى عادته وذكرنا أن مخزن يونيو 1936 كان رغم الاستعمار أرحم من مخزن يونيو 1981 أو يونيو 2023 . وعلى كل حال ما يونيو إلا شهر كسائر شهور السنة ولنردد مع مفدي زكرياء شاعر الثورة الجزائرية:
إن كان يونيو في الشهور كبا بنا فإن شفيع يونيو في الشهور نوفمبر