الأصولية أو الديمقراطية في المغرب؟
المحور الثاني :استراتيجية التراجع و لعبة الديمقراطية و صعود الاصولية
الفقيد عبد الغني بوستة السرايري
ترجمة: عبد الكريم وشاشا
مجلة هيرودوت[i] – العدد 77-الفصل 4-1995
استراتيجية التراجع
وقد عمل الحكم أيضا على استغلال الصراعات داخل الحركة الإسلامية في مجملها بهدف إضعافها، بعد أن وظفها كممتص للصدمات (pare choc) في صراعه مع قوى اليسار، الحملة الأولى من الاعتقالات طالت جماعة العدل والإحسان سنة 1984، تلتها محاكمة الدار البيضاء المعروفة ب “مجموعة البشيري” باسم الرجل الثاني في هذه الجماعة، أما الحملة الثانية من هذه الاعتقالات فقد ضربت في قلب جماعة الشبيبة الإسلامية ومختلف فصائلها: 76 من أعضاء وقياديي الجماعة تم تقديمهم أمام محكمة الدار البيضاء وتمت إدانتهم سنة [i]1985 بأحكام ثقيلة، من بينهم عضوان من “حركة المجاهدين في المغرب” و7 من شباب الثورة الإسلامية والأغلبية من الكتائب المسلحة لفصيل الجهاد التي يقوده المرشد العام من الخارج.
بعد نهاية فصول هذه المحاكمة، قامت هذه الفصائل بتجميع قواها في إطار: المجلس الأعلى الإسلامي للجهاد تحت جدول الأعمال الآتي:
- الاستيلاء على السلطة وتأسيس الجمهورية الإسلامية.
- تطبيق الشريعة الإسلامية.
- حشد وتجميع كل القوى الوطنية
- استعمال العنف والجهاد لبلوغ هذه الأهداف.
لكن هذه المحاولة الأولى للتجميع فشلت بسبب شدة الخلافات الداخلية للقيادة، وواصل كل فصيل نشاطه كل على حدة، على الأقل على ما يبدو. استمر المرشد العام في الدعوة إلى الجهاد من الجزائر حيث ربط علاقات مع البوليزايو وأنشأ قاعدة تدريب لأتباعه في تندوف، وقد تم ضبط أسلحة مهربة على الحدود بين الجزائر كانت في طريقها إلى ارض الوطن، مما أدى إلى محاكمة جديدة للإسلاميين (مجموعة الحكيمي). أما حركة المجاهدين حاولت من جانبها التوغل والتسلل من شمال المغرب، لكن تم اعتراض والقبض على عناصرها وتقديمهم لمحكمة مراكش عام 1986
بعد ضربات القمع التي تلقتها الحركة، وإخفاقاتها المتتالية التي أضعفتها، بدأت الجماعات الإسلامية مرحلة من العمل شبه السري والتغلغل في مفاصل المجتمع تحت غطاء جمعيات مختلفة، ومن خلال أعمال أفراد أو جماعات غير معروفة، يضعون نصب أعينهم تأطير المجتمع من القاعدة إلى القمة، والتركيز أساسا على فئة الشباب وهي الأغلبية في البلاد وعلى الأخص الطلاب والتلاميذ، وأيضا الموظفون والمدرسون وكل الفئات المحرومة والمهمشة، فبعد استغلالهم العمل داخل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وهي منظمة ديمقراطية وتقدمية، أصبحوا حاليا هم الأغلبية داخله. وتضاعفت أيضا الأعمال الاجتماعية والخيرية داخل الأحياء الفقيرة ذات الدخل المنخفض: دروس محو الأمية، والدعم والتقوية، إنشاء مشاريع صغيرة، تنظيم الأعراس والجنائز حسب الطقوس الإسلامية… فالناشط الإسلامي موجود دائما في المكان الذي يحتاج فيه المواطن المحروم والمهمش إلى دعم مادي ومعنوي.
فهذا النشاط القاعدي يتم القيام به بسلمية بعيدا عن ارتكاب أعمال عنف ضد النظام، فقبل الهجوم المدوي على فندق أسني في مراكش (مع وجود بعض الغموض الذي يكتنف هذه العملية) لم يتم تسجيل أي عمل مماثل، وحدهم الطلاب التقدميون يتعرضون للاعتداء وحتى القتل كما هو الحال في جامعة فاس. أما الحركة الإسلامية بدت كأنها تحافظ على قوتها وتنتظر الفرصة المناسبة لتمر إلى الفعل، يمكن لفصائلها الآن أن تتحالف أو تتحد في إطار جبهة موحدة كما هو الحال في الجزائر، فالعديد من العوامل الداخلية والخارجية يمكن لها أن تساهم في تحقيق هذا الهدف.
حاليا لا يوجد أي فراغ سياسي على الساحة السياسية، فالحركة الديمقراطية تحتل مكانة مهمة فيها، لكن أي ضعف ووهن ينتاب هذه الأخيرة، فإنه يؤدي مباشرة إلى تقوية الاتجاه الأصولي ويظهر ذلك على شكل قوة اجتماعية وسياسية كامنة يصعب معرفتها وتقديرها، لكنها موجودة فعلا؛ فكلما تعثر وتأخر التغيير الديمقراطي أو عرقلته، وتدهورت الوضعية الاجتماعية، كلما ازدادت حظوظ الحركة الأصولية في فرض نفسها.
احتمال استيلاء الجبهة الإسلامية للإنقاذ FIS على السلطة في الجزائر يمكنه أن يلعب دورا بارزا في تعزيز وتقوية الحركة الأصولية في المغرب، وينطبق نفس الشيء على تطورها في تونس، فالدعم المادي والمعنوي واللوجستيكي الذي تقدمه بشكل خاص الدول الإسلامية يزيد من ميزان قوتها، وكذلك موقف القوى الغربية التي تدين علانية ورسميا الأصولية، لكن بعض من هذه القوى ساهمت تاريخيا في ولادتها وتطورها في العديد من المناطق في العالم. تستخدمها كفزاعة ضد الشيوعية والقوى التقدمية، كما تشجعها من وراء الستار لإضعاف العالم الثالث وخنقه وتكريس تبعيته وإجبار الأنظمة الوطنية والتقدمية على الانصياع لإملاءاتها.. حتى الآن ما زالت تلك المصالح المشتركة غامضة التي تجمع القوى الغربية (خاصة الولايات المتحدة الأمريكية) والحركات الأصولية لجميع البلدان؛ فبعض قواعدها لا زالت موجودة في العديد من الدول الغربية، بالرغم من تجاوز الحدود المرسومة لها من حين لآخر.
لعبة الديمقراطية وصعود الأصولية
من المعروف جدا، أن مختلف الاستحقاقات الانتخابية التي جرت في المغرب منذ الاستقلال، ارتبطت بالتزوير وتدخل السلطة، ويمكن أن تتراوح أساليب الغش المستخدمة من الحملة المباشرة التي تقوم بها السلطة علانية لصالح مرشح ما، إلى إعلان النتائج الجاهزة والمزورة لصالحه مرورا برشوة الناخبين، أو مجرد تخويفهم وترهيبهم.
وعلى مدار هذه التجارب الانتخابية، تم إتقان هذه الأساليب بمهارة إلى درجة الوصول إلى مستوى من البراعة غير متوقعة، وتتمثل الخطة المثالية للسلطات، في الإعداد المسبق للنتيجة النهائية للانتخابات وتكييف المعدلات المناسبة للتحكم في كل خيوط اللعبة بشكل غير مباشر للوصول إلى النتيجة المرغوبة، فأساليب التزوير المباشرة، جاهزة في كل وقت لا يتم استعمالها إلا في حالة إفشال هذا السيناريو المسبق والمحدد.
والنتائج المحصلة عليها تخدم أولا مكافأة الأحزاب السياسية حسب درجة ولائها من جهة، ومن جهة أخرى، صنع واجهة للديمقراطية موجهة للأجنبي. وذلك بمحاكاة وتقليد أساليب الديمقراطية الغربية قدر الإمكان (الأغلبية، المعارضة، اليمين واليسار والمناظرات والمواجهات التلفزية…الخ). ومع ذلك، فإن وجود إطار دستوري جامد، وقانون انتخابي مكيف، والدور المباشر والكبير للسلطة التنفيذية في إجراء الانتخابات، يحمي السلطة من أية مفاجآت غير سارة. ليس فقط الأغلبية في الانتخابات البرلمانية التي يتم فبركتها، البرلمان هو بنفسه بلا سيادة فعلية، وما زال حتى الآن مطروحا مسألة الأسس الدستورية للديمقراطية: سيادة الشعب، فصل السلط، المواطنة، دولة الحق والقانون، انتخابات حرة ونزيهة…
رافق انتخاب البرلمان الحالي (25 أكتوبر ثم17 سبتمبر 1993) ضبط محسوب بدقة بحيث لا يمكن لأسرة سياسية سواء من اليمين أو من اليسار أن تتوفر على أغلبية؛ إنه برلمان “ذو هندسة متغيرة” يجعل من الممكن هزيمة الأغلبية أو حتى إسقاط الحكومات حسب أهواء ورغبات الحكم.
بعد عدة أشهر من هذه الانتخابات التشريعية، استمرت الحكومة السابقة على هذه الانتخابات في الحكم وتقرير المصير في البلاد؛ وعندما تشكلت الحكومة الجديدة تحت رئاسة السيد كريم العمراني (خريف 1993) احتفظ 16 من الوزراء السابقين بمناصبهم خارج أي منطق برلماني أو انتخابي.
كان من المفروض أن تتولى هذه الحكومة التي تقول عن نفسها أنها تكنوقراطية هذه الفترة المؤقتة في انتظار تشكيل حكومة ائتلافية وطنية وبمشاركة المعارضة البرلمانية، لكن المفاوضات الجارية في هذا الموضوع لم تفض إلى أية نتيجة.
ثم بعد ذلك، تمت إقالة السيد كريم العمراني من منصبه وحل محله وزير الشؤون الخارجية السيد فيلالي (يونيو 1994) الذي ورث نفس الحكومة التكنوقراطية مع بعض الاستثناءات.
والحكومة الجديدة عليها أن تضمن الانتقال بدون انتظار أي ائتلاف وطني، بل لانتظار “التناوب”، ولكن، ليس ذلك الذي يأتي عن طريق صناديق الاقتراع والذي يطالب به المواطنون، ولكن لتناوب مقرر سلفا ومشكل بفضل “هندسة متغيرة”.
يتعلق الأمر بجعل المعارضة البرلمانية تحكم (سنتين أو ثلاث سنوات) وتوفير لها مسبقا ضمانة دعم برلمان لا تملك فيه أغلبية، كما أن الأمر متروك لها للحصول على أغلبية من خلال التحالف مع حزب واحد أو أكثر من أحزاب اليمين. إنه اتفاق أو ترتيب ودي يسمح للمعارضة أن تصبح أغلبية، دائما بإرادة ورغبة السلطة المركزية.
فشل التناوب
بعد عدة أشهر من المفاوضات فشلت تجربة “التناوب” بدورها. ومحور هذا الفشل هو إعادة تعيين “الوزير القوي” وزير الداخلية والإعلام (أم الوزارات)، فالسلطات الواسعة التي تملكها وزارته تجعلها حكومة حقيقية داخل الحكومة. إن عدم قبول وزير الداخلية في تشكيلة هذه الحكومة هو حسب بلاغ للديوان الملكي: “من شأنه المساس بالسير العادي للمؤسسات المقدسة في البلاد”.
تم تمديد “الانتقال” واستمرت الحكومة قائمة بدون أي تمثيلية برلمانية. وفي افتتاح الدورة البرلمانية في 14 أكتوبر 1994، صوت البرلمان على قانون المالية وكذلك على جميع المشاريع التي قدمتها الحكومة وهو لم يعد يملك أية شرعية سياسية !!
انتهى هذا المشهد، فاستقالت الحكومة كلها، لكن الوزير الأول بقي في منصبه وتم تكليفه باقتراح حكومة جديدة، فبعد الوزراء التكنوقراط حان الوقت للتوصل إلى اتفاق سياسي لعودة اليمين البرلماني مجددا.
ومع ذلك فإن الوزير الأول ليس ملزما أمام الدستور الحالي باقتراح حكومة من الأغلبية البرلمانية، لكنه قد حصل على دعم البرلمان مقدما، أليس دور هذه الأغلبية المائعة في هذا البرلمان العجيب مقتصرا في تزكية ودعم كل حكومة تعينها السلطة كيفما كان لونها وطبيعتها وبرنامجها؟
يعكس تشكيل الحكومة الجديدة (27 فبراير 1995) هذه اللعبة المغشوشة للديمقراطية الرسمية، توليفة لكل الحكومات السابقة :18 “مستقلا” و20 ينتمون إلى أحزاب اليمين، ومن بين الوزراء “المستقلين” الوزير الأول نفسه، ووزير الداخلية “الخالد” بالإضافة إلى العديد من الوزراء المعروفين بولائهم الثابت للسلطة، والملاحظ أيضا أن هذه الحكومة لا تتوفر على أغلبية عددية في البرلمان (136 مقعد من أصل 294 فقط)؛ إنها ديمقراطية مضحكة !! إنها ليست إلا لعبة للواجهة مطابقة لدستور ممنوح تم التصويت عليه رسميا بنسبة 99.26 % وبتلاعب في نتائج الانتخابات لإعادة إنتاجها كل مرة ولدرجة تجاوزت كل حدود النزاهة والأخلاق.
سياق سياسي
في تصريحه السياسي الذي ألقاه أمام البرلمان (7 مارس 1995)[ii] كشف الوزير الأول عن تبني حكومته نفس الاختيارات السياسية الرسمية، دون مراجعة أو تصحيح، بينما الجفاف والتراجع المهول لقطاع السياحة والانخفاض الحاد في الصادرات يهدد وضعية اجتماعية واقتصادية هي في ذروة الغليان.
أولا، أكد على صحة سياسية إعادة التقويم الهيكلي الذي أوصى به صندوق النقد الدولي F.M.I والتصحر الاجتماعي الذي أحدثته مؤسساته على البلاد. الجانب الإيجابي لهذه السياسة هو جذب الاستثمارات الأجنبية؛ في الواقع تبقى هذه الاستثمارات جد متواضعة في غياب دولة للحق والقانون، وضمانات قانونية مطبقة فعليا ومؤسسات مستقرة وذات مصداقية وجديرة بالثقة، بالإضافة إلى ذلك، فأغلب هذه الاستثمارات الضئيلة تذهب إلى عمليات الخوصصة الجارية فهي، لا تساهم في خلق قطاعات جديدة للتنمية ونشيطة، ولا في الحد من البطالة، وعمليات الخوصصة بنفسها ترافقها موجات من الطرد وتسريح العمال تزيد من انهيار النسيج الاجتماعي الذي في بدأ في التدهور فعلا.
وفيما يتعلق بإعادة توزيع الثروة سجل “بأن تطور المغرب أدى إلى ظهور ظاهرة اجتماعية سلبية لها أبعاد كبيرة تتعارض مع مبادئ بناء مجتمع متوازن وموحد، إنها ظاهرة الفوارق الاجتماعية والتي أصبحت واضحة وتتعمق يوما بعد يوم…” (هكذا).
الأسباب الحقيقية للأزمة الاقتصادية والاجتماعية، والمشاكل الخطيرة المتمثلة في البطالة والتعليم ثم غرغرينا الفساد الذي ينتشر على نطاق واسع في مفاصل الإدارة والقضاء ليست هي موضوعا يقتضي إجراءات ملموسة، فلا يوجد برنامج أو إصلاح في الأفق المنتظر… ولماذا نتحمل عبئ برنامج، عندما يكون هناك دعم برلمان ذو هندسة متغيرة لوزير أول معين ؟؟
لقد أعلن صراحة رئيس التجمع الوطني للأحرار، وهو حزب غير ممثل في الحكومة، أنه تلقى تعليمات عليا لمساندة الحكومة الجديدة ودعمها. فقبل أشهر قليلة فقط، طلب منه رسميا تشكيل أغلبية برلمانية مع المعارضة، وبعدها تشكيل حكومة ل”التناوب”، ولكن بعد فشل هذه التجربة، تلقى أمرا بوضع فريقه البرلماني رهن إشارة تكوين برلمان بأغلبية يمينية.
هذه اللعبة السياسية المغشوشة والوهمية والتي وصفناها من قبل مع بعض التفاصيل من أجل كشف جوهرها يمكن لها أن تجعلنا نبتسم، لولا خطورة الأمر وتداعياته على المدى القصير، والآن وقد استمرت لمدة أربعين سنة، كما أشرنا، فإن الديمقراطية المعاقة، واليأس وتغييب الإرادة الشعبية، كلها عوامل مساعدة لظهور الأصولية، إنها بمثابة منبع وحوض وتربتها الخصبة الاجتماعية والاقتصادية والنفسية.
الاختيار الحاسم
إن الحركة الديمقراطية المغربية غير مخطئة، عندما تسلط الضوء على الجوانب السياسية للأزمة حتى قبل مضاعفاتها الاقتصادية. فجميع مكوناتها السياسية والنقابية والجمعوية والاجتماعية أجمعوا على الحاجة الملحة إلى إصلاحات عاجلة سياسية بعيدة المدى، وعلى وجه الخصوص:
_ المراجعة الشاملة للدستور من أجل دولة الحق والقانون وإرساء الديمقراطية الحقة المتمثلة في سيادة الشعب وفصل السلط، الاحترام الدقيق لحقوق الإنسان على أرض الواقع، وانبثاق الحكومة والوزير الأول من الأغلبية مسؤولون أمام البرلمان (وليس العكس) وانتخابات حرة ونزيهة…الخ
_ إلغاء نتائج انتخابات 1993، وإعادة انتخاب مؤسسات ديمقراطية ذات تمثيلية حقيقية، دون تزوير أو تدخل الإدارة. يجب أن تجري هذه الانتخابات تحت إشراف هيئة وطنية مستقلة ومراقبة المنظمات الدولية.
فبدون إقامة أسس الديمقراطية، ستستفحل الأزمة وتزداد سوءا، فلا تجارب التناوب ولا التعيينات المختلفة والتبديلات المتوالية في الوزراء والحكومات.. كل هذا لن يغير أي شيء.
_فمراكز السلطة تم الاستحواذ عليها عن طريق الزبونية والوسائل الغير المشروعة؛ إن الانتهازيون ووكلاء السلطة ينحازون دائما إلى سوء التدبير، وقطع الطريق على الآلاف من الخريجين الشباب المحرومون للمساهمة في تنمية بلادهم؛ إن الاستياء الرهيب والتذمر على المستوى الشخصي، والذي يمتد إلى محيط الأسرة والمجتمع، كلها عناصر ومكونات تفاقم من الوضع وتجعله أسوأ.
_ الأزمة السياسية تغذي الأزمة الاقتصادية والعكس صحيح، والأرضية تصبح يوما بعد يوم مناسبة لانتشار الأمراض ومظاهر العزوف الاجتماعي والرفض والأصولية.
_ فإن اختيار بين بديلين متعارضين أصبح أمرا حاسما، أكثر من أي وقت مضى:
_إما الاستمرار والتمادي في السياسة التي تم نهجها منذ الاستقلال وبالديمقراطية المزيفة التي ترافقها، وبناء على ذلك تفاقم الأزمة الاجتماعية الاقتصادية والسياسية والسير على طريق تنمية التخلف وتمهيد الطريق للأصولية والفوضى الاجتماعية.
_وإما الخروج من الحلقة المفرغة وعنق زجاجة الأزمة الاقتصادية الخانقة عن طريق إرساء إصلاحات ديمقراطية عميقة تتيح للبلد فرصة فتح طريق التنمية والتقدم. فالوقت الضائع ليس في صالح الديمقراطية، فالبؤس والأمية متفشيان، فكلما مر الوقت بهذا الوضع الحالي زادت المشكلات الاجتماعية والاقتصادية وتعمقت وبلغت نقطة اللا عودة، وأصبح بذلك دفع ثمن فاتورة مشروع التغيير الديمقراطي باهظا للمغرب وشركائه.
هوامش:
- هيرودوت بالفرنسية( Hérodothe) هي مجلة علمية محكمةفرنسية تأسست في 1976 من قبل إيف لاكوست وتصدر كل ثلاثة أشهر، وهي مختصة في الجيوسياسية والجغرافيا.
الأعداد الأولى من هذه المجلة كانت تحمل العنوان الثانوي «استراتيجيات، جغرافيا، إيديولوجيات»، ثم ابتداءا من نهاية 1982، تبنت المجلة عنوانا ثانويا جديدا وهو “مجلة الجغرافيا والجيوسياسة” (المترجم)
- كتاب “الإسلام. فكرة وحركة وانقلاب” للكاتب اللبناني، الأستاذ فتحي يكن، يعتبر من بين أهم المرجعيات الفكرية لدى الحركة الإسلامية، وعلى وجه الخصوص الإخوان المسلمون؛ (المترجم
- أما محاكمة مراكش 1971 فقد سبقت المرحلة التي يتحدث عنها الكاتب (1972-1975) (المترجم)
- أول المنشقين أطلقوا على أنفسهم “القطبيون” نسبة إلى السيد قطب ثم تيار الاختيار الإسلامي ثم حركة المجاهدين في المغرب التي أسسها عبد العزيز النعماني ثم تفريخ العديد من الحركات مثل الجماعة الاسلاميةالمغربية المقاتلة ومنظمة الجهاد… ثم الحركة من أجل الأمة وهي محاولة اندماجية لبعض المكونات والتيارات السابقة ثم بعدها جاءت وبعد مراجعات عميقة البديل الحضاري…لكن يبقى أهم تيار انشق عن الشبيبة الإسلامية هو الجماعة الإسلامية التي تحولت إلى حركة الإصلاح والتجديد … (المترجم)
- اتهم بسببها الراحل عبد السلام ياسين بالجنون وقضى على إثرها ثلاث سنوات وستة أشهر محتجزاً في مستشفى للأمراض العقلية.
- “اعتقالات سنة 1984 التي طالت 800 إسلامي، مع صدور 13 حكما بالإعدام من بينها الحكم الصادر ضد مطيع، ما سيضطره إلى المكوث في منفاه الليبي…” نشر في جريدة الاتحاد الاشتراكي يوم 8/5/2015 – (المترجم)
- 5 مارس 1995 هو التاريخ الذي قدم فيه عبد اللطيف الفيلالي الوزير الأول (1985- 1999) برنامجه الحكومي أمام البرلمان -مجلة الفقه والقانون العدد العاشر 2013 –الصفحة 22)