خدمات وتجارة متنقلة تعددت فضاءاته
بين مسطحات التواصل الاجتماعي والشارع العام
علال بنور – المغرب
ظهرت منذ مدة أنشطة اقتصادية بأسلوب جديد، يمكن اعتبارها تجاوزا باقتصاد القرب، بين مسطحات شبكات التواصل الاجتماعي والشارع العام، يحتاج هذا الاقتصاد لدراسات سوسيولوجيا وربورتاجات صحفية، حيث يلتقي السوسيولوجي والصحفي في تقاطع حول ظواهر اجتماعية جديدة، وهي في تناسل مستمر، ويمكن للصحافي رصد علاقات اجتماعية بين التجارة والخدمة.
انتشرت ظاهرة البيع والشراء، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، فتعددت السلع وبأثمنة مناسبة مقارنة بالمتاجر، كما تسلم للمستهلك بخدمة جيدة عبر حامل. الشيء الذي يجعل الصحافي يطرح أسئلة من قبيل:
-هل التجارة عبر الانترنيت بالمغرب هي نوع من تجارة الشارع “الفراشة” أي التجارة غير المهيكلة؟
-هل تجارة الشارع لها من آثار سلبية على تجارة الحضور في المحلات التجارية؟ …
رصدنا ونحن في الشارع العام، أنشطة خدماتية من نوع اخر على قارعات الطرق وفي بعض الاحياء، تجار وحرفيين يقدمون خدمات بسياراتهم، مجهزة بآليات لتقديم كؤوس القهوة لزبناء عابرون، والتي كان لها دور الحل والعقد زمن وباء كورونا، حيث لعبت الدور البديل للقهوجي الثابت. بل استمرارها اليوم، ما بعد الوباء يمكن النظر اليها على أساس حل مؤقت او دائم للعطالة المتعلمة.
كما وقفنا على ظاهرة من نوع اخر، وجود خدمات غسل السيارات على الرصيف بعدة احياء منها حي سيدي معروف تخرج انابيب من الدور السفلية، تحت الضغط الهوائي القوي لدفع الماء بسرعة، كما لاحظنا نفس الظاهرة بالمدينة الخضراء، قرب غابة بوسكورة، القريبة من الدار البيضاء، مع اختلاف في الية الغسل حيث وجود عربات ذات الثلاث عجلات تحمل سهريج ماء والة ضغط الماء حيث يسمح بعملية الغسل.
فكرة غسل السيارات بالشارع العام، انتقلت كنشاط معيشي من حراس السيارات الى شكل أكثر تنظيما، بأدوات الغسل والتنظيف بجودة في الخدمة، بنفس الطريقة التي نجدها في محلات غسل السيارات، يمكن اعتبارها مغاسل القرب، باعتبار ان صاحب المغسلة ينتقل حيث الزبناء.
كما تعبرعن تفاقم البطالة، ولا غرابة في ان العديد من اليد العاملة في تكاثر مستمر بسبب قلة فرص الشغل، ومن الطبيعي ان العاطل يبتكر أفكارا للبحث عن مصادر العيش، تماشيا مع مقولة الحاجة ام الاختراع، فحولوا أفكارهم الى مشاريع صغيرة تدر عليهم ربحا معيشيا.
ما يميز هذه المشاريع الصغيرة، انها ليست في حاجة الى مقر بناية بمصاريف الكهرباء والماء والضرائب، بل انها تحتاج الى رأسمال صغير، كما تعتبر مهنة غسل السيارات في الهواء الطلق، صديقة البيئة في اقتصاد الماء والكهرباء.
ومن جهة أخرى لاحظنا، بالشارع الرئيسي بالمدينة الخضراء بالقرب من غابة بوسكورة وهي مدينة حديثة العهد ومن نوع السكن الراقي ، اصطفاف أربع سيارات مجهزة بآليات الغسل والتنظيف بنفس الخصائص والأدوات، التي نجدها في محلات الغسل بتوافر الماء بأنبوبه الالكتروني وآلة تشطيب الغبار والاتربة.
سألنا عاملا، وبلغة بسيطة لكي يحصل التواصل بيننا لماذا أنتم هنا؟ فكان رده، العمل هنا مربح ومتوافر، حيث يسكن هنا الأغنياء. بكم تتقاضى كواجب عن كل سيارة؟ ما بين 50 و60 درهما وحسب جود صاحب السيارة.
انتقلنا الى عامل آخر بنفس الأسئلة، يتوافر على عربة بثلاث عجلات (تريبورتور) مجهز بآليات الغسل، كانت اجوبته عن اسئلتنا تتقارب مع أجوبة العامل السابق، يتقاطعان في نفس الظروف الاجتماعية الصعبة والتحمل العائلي، ويتعرضان للابتزاز مقابل البقاء في نفس المكان. اتار انتباه الجريدة كذلك، سيارة غسل مجهزة وبها علامة ورقم هاتف، يدلان على انها تابعة لشركة. حاولنا استدراج العامل نحو اسئلتنا، فصرح لنا، انه تابع لشركة، يتقاضى اجرا 2000 درهم في الشهر لكن عملية الابتزاز تتكلف بها الشركة.
رجعنا بفكرة، ان فرص الشغل من اجل البقاء في الحياة متوافرة في الدار البيضاء، بالرغم من صعوبة الحياة فيها، كما خرجنا بفكرة في ظل الازمة الوبائية التي طال زمن بقائها بالدار البيضاء، وما خلفته من تسريح للعمال، ظهرت أفكار مشاريع لخلق فرص شغل للعيش.