ضجة انتخاب السيد محمد موبديع وتداعياتها
محمد بونوار – المانيا
في بداية الاسبوع الجاري حصل النائب البرلماني المغربي السيد محمد موبديع ، ورئيس الجماعة الحضرية لمدينة الفقيه بن صالح الواقعة وسط المغرب ، حصل على 250 صوت من داخل قبة البرلمان المغربي ، وذالك قصد رئاسة لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان ، وهو الامر الذي حير كثير من المغاربة حيث أن السيد محمد موبديع لازال متابعا قضائيا في ملفات فساد أنجزها المجلس الاعلى للحسابات ، وهو المجلس الذي يتولى مراقبة الصفقات التي يوقعها المسؤولون في قطاعات مختلفة بحثا عن الاختلالات والمشاريع التي تكون غالبا وهمية ، الغرض منها هوالتحايل والنصب علىالمال العام بطرق ملتوية .
الحق يقال هذا المجلس أنجز تقارير كثيرة عن وزارات وجماعات حضرية وقروية ، واٍدارات ومؤسسات كثيرة ، وعثر على اختلالات مالية ، وشبهات فساد وتزوير أرقام وتواريخ وتقارير وتفويت صفقات مشبوهة للاقارب والابناء وغيرهم . لكن الاشكالية بالمغرب لا يوجد تنسيق عال بين هذه الادارات التي تهتم بمحاربة الفساد والحفاظ على المال العام .
السيد محمد موبديع الذي فاز بالانتخابات في جلسة عمومية ، له ملفات كثيرة ولازالت التحقيقات بيد الفرقة الوطنية للشرطة القضائية والتي أصدرت مذكرة بمنعه من السفر الى الخارج لأن المحكمة الادارية لازالت لم تقل كلمتها الاخيرة .
المواليين للسيد محمد موبديع من حزب الحركة الشعبية وهم قلائل ، يتشبثون بفكرة أن هناك فرق بين كلمة تحقيقات وتحريات وذالك لدفع التهم عنه ، بحكم أن المحكمة الادارية لازالت لم تنطق بالحكم النهائي .
وللتذكير فهذه اللجنة التي يترأسها السيد محمد موبديع هي اللجنة التي تنكب على دراسة القوانين لمحاربة الفساد والحفاظ على المال العام ، وهو ما يجعل الامر في تناقض ظاهر وكبير ، هذه النقطة هي التي جعلت فئة كبيرة من المغاربة تمتعض من هذه الحالة والتي تجعل هيبة الدولة على المحك ، وما يزيد الطين بلة هو التناقض الذي يزكي خرق الدستور، والذي يقول بصريح العبارة أنه كل من ثبث في حقه فساد فلا يحق له أن يترشح لخوض الانتخابات كيفما كانت .
وبالدليل والحجة هناك بعض رؤساء الجماعات أصدر المجلس الاعلى للحسابات في حقهم تقارير مليئة بالتجاوزات والاختلالات وسوء التدبير للمال العام ، لكنهم لم يمنعوا من الترشح الى الانتخابات وهناك منهم من لازال يمارس مهامه رغم كل الخروقات المسجلة في حقه ، وما يحير المجتمع المغربي هو أن هناك فئة من المنتخبين ورؤساء جماعات تم الاستغناء عنهم من طرف المحكمة الدستورية لنفس الاسباب ، بينما فئة منهم لم يمسسهم أي شيئ .
المتتبع لهذه الاشكالية في المغرب ، يستنبط أنه لا توجد شروحات حول اٍعفاء بعض المنتخبين من مهامهم ، والسماح لفئة أخرى بالاستمرار في مناصبهم ، رغم تواجد نفس التهم ، ألا وهو الفساد وسوء التدبيرللمال العام .
الاستباط الثاني هو أن غالبية البرلمانيين والذين أنتخبهم الشعب صوتوا بالاجماع للسيد محمد موبديع وهو ما كتبت عنه بعض الجرائد الاكترونية وقالت نائبة من المعارضة أن السياسة في المغرب تفتقد الى الاخلاق بهذا العمل الذي يعتبر ضربة للمؤسسة التشريعية والذي يعتبر احتقار واضح للارادة الشعبية .
الاستنباط الثالث ، وهو تراجع وزارة الداخلية الوصي الاول على الجماعات ورعاية الحفاظ على المال العام ومحاربة الفساد الاداري ، حيث لم تتقدم بطلب العزل الى المحكمة الادارية طبقا للمادة 64 من القانون التنظيمي للجماعات المحلية ، وهو الامر الذي دأبت عليه الوزارة مع رؤساء جماعات أخرى .
رؤساء الجماعات مؤخرا بالمغرب أصبح موضوع شائك ومعقد ، حيث يقوم الشخص الذي يريد الانقضاض على كرسي الجماعة بتشكيل فريق معارض لئلا تسير الامور على عادتها والهدف منه اٍعادة الانتخابات والاستولاء على كرسي الجماعة ، ولعل قضية البطل العالمي مصطفى لخصم ، والذي كان يعيش ضمن شريحة مغاربة العالم والذي فضل المشاركة في السياسة المحلية بالوطن الام ، حينما رجع الى مسقط رأسه ، وبعدما نجح في الانتخابات لرئاسة جماعة أيموزار، شكل فريق من المنتخبين عصبة ، أو نقابة لمعاكسة مجريات التدبير والذي لازال البطل العالمي من جرائه يسعى بين مقاعد المحاكم ، و مكاتب القضاة كي يدافع ويدفع عنه التهم الموجهة اليه .
الاستنباط الرابع و الاخير ، والذي لم يخطر على مجلس البرلمان وهو الدبلوماسية السياسية و التي يسعى المغرب تقديمها الى العالم ، خاصة والظروف العصيبة التي يمر بها بخصوص تطبيق الحكم الذاتي في الصحراء المغربية والتي تبثق من ثمثيلة محلية صحراوية شفافة وذات مصداقية وطنية ودولية ، والذي لم يخطر على بال مجلس البرلمان وهو أن لجنة العدل والشريع وحقوق الانسان مرشحة، بل مطالبة بأن توضح كثير من الاشياء بخصوص احترام حقوق الانسان سواء بالمغرب أو بالمناطق الصحراوية ، لمؤسسات دولية وهيئات عالمية ومنظمات حقوقية ، وفي حالة ما اٍذا علمت هذه المنظمات بأن رئيس اللجنة متابع في ملفات تفوح منها رائحة الفساد وتبدير المال العام ، فاٍنه كمن يخرب بيته بيده ، ويهدم ما بناه لسنوات طوال .
شخصيا كتبت مرارا عن موضوع الجماعات والذي يحتاج الى مراجعة كاملة والى مراقبين بشكل مستمر، والى مواكبة المشاريع التنموية اٍبان تنفيذها والصفقات وطلبات العروض حفاظا على المال العام ، والذي يسيل لعابالكثير من أصحاب الضمائر الغير السوية .
محمد بونوار
كاتب مغربي مقيم بألمانيا