تعددت أساليب التسول
في تأثيث احياء الدار البيضاء
علال بنور – المغرب
يعتبر التسول ظاهرة اجتماعية، ارتبط وجودها بتحولات اقتصادية واجتماعية بل وحتى سياسية، وهناك من يعتبر التسول مرضا اجتماعيا، غير ان المسالة في اعتقادي، لا تعدو ان تكون ناتجة عن ازمة اقتصادية. تطورت مظاهرها وتعددت وسائلها واساليبها، وهناك من يعتبر التسول جريمة يعاقب عليها القانون، لكن يحضر العقاب مع الاشباع، بل من المفروض، الذي يجب ان يتعرض للعقاب. هم سارقو الثروة والسياسي الذي لا يعرف كيف يدبر الشأن العام للمواطنين في خلق الثروة، التي يخلق معها الشغل والسكن والتعليم والصحة، الشيء الذي يحد من ظاهرة الفقر والقبح الاجتماعي.
هل يعتبر المتسول انسان غير سوي، يعاني اضطرابا في الشخصية، باعتبار ان الانسان السوي تحكمه ضوابط اجتماعية وثقافية؟
وهل يمكن اعتبار المتسول بحكم دونيته الاجتماعية وفقره التعليمي وتخلفه الاجتماعي، شخص يتحلى بسلوك عدواني يجعله يحقد على الاخر، ظنا منه انه ضحية اهمال المجتمع له؟ وهل نعتبر التسول مورد رزق لمن لا مورد له؟ انها بحق أسئلة مقلقة.
من مخرجات التسول، التفكك الاسري المرتبط بالطلاق،وارتفاع نسبة البطالة والفقر والإهمال الاسري، الذي يطال الأطفال والشيوخ والمرضى وذوي العاهات. فالتسوللم يرتبط بالمدن بل نجده في البوادي خصوصا بالأسواق الأسبوعية.
ولتشخيص الظاهرة، اعتمدت “جريدة المنظار”، علىرصد الظاهرة بالملاحظة والعينة، وتحديد فضاءات التسول والفئات المتسولة على مستوى الجنس والسن. قبل ذلك، لابد من التمييز بين نوعين من المتسولين، منهم الدائمون بحضورهم في امكنة التسول، ومنهم الموسميون حسب المناسبات الدينية، مثل شهر رمضان وعيد الفطر.
ويمكن حصر فضاءات التسول، في أبواب المساجد والمقابر والساحات العمومية وتقاطع الطرق عند إشارة المرور. وبشوارع الاحياء الراقية نموذج حي كاليفورنيا.
اما اساليب التسول، منها تقديم عاهة وعلبة دواء وتقديمرضيع ولباس حداد وفاة الزوج، ومن الابتكارات لاستعطاف المارة والسكان، نجد نسوة يطرقن أبواب المنازل يسعين لجمع أموال لامرأة مريضة بداء السرطان،رجل يتجول بمزماره للتسول واخر يتجول بين الاحياء يجمع مساهمات بحجة بناء مسجد… كما وقفنا على شهادة بقال بدكانه، يزوره يوميا في كل مساء، متسول او اثنان لاستبدال النقود المعدنية بالورقية قد يصل ذلك الى أكثر من 400 درهم في كل يوم.
التقت الجريدة، عينة محدودة من المتسولين بعيدا عن ذوي الاحتياجات الخاصة، للتعرف على حقيقة التسول من زاوية أخرى، فالتقت طفلة تتسول لإعانة اسرتها خارج أوقات المدرسة، وأخرى تتسول لكي تساعد جدتها المريضة المسنة، التي تأويها بعد طلاق والديها. شاب يحمل مكنسة وكيس بلاستيكي، يكنس الازقة وفي نفس الوقت يطرق أبواب المنازل للتسول، ومن المظاهر السيئةالتي رصدتها الجريدة كذلك، امرأة شابة معية طفلها الرضيع وزوجها، يفترشان الأرض امام باب المسجد.
بعيدا عن لغة الأرقام، توجد حكايات متداولة بين نوادل المقاهي وتجار التقسيط بالدكاكين، حول المتسولين في استبدال النقود المعدنية بالورقية، ومن الاخبار كذلك، جمعية خيرية اخذت سيدة متسولة من الشارع الى مقر الجمعية، فوجدت بحوزتها 50.000 درهم.
هل تعكس ظاهرة التسول تخلف البلد؟ هل حقا ان المغرب يحتل الصدارة في التسول بين دول العالم العربي؟
ومن التدابير التي اقترحتها الحكومة السابقة والانية،منها اعتماد المغرب منذ 2007 على خطوة وطنية، للحد من ظاهرة التسول، فارتكزت على المقاربة الاجتماعية على أساس الاندماج الاسري والمقاربة القانونية لمنع التسول والمقاربة التحسيسية التوعوية بخطورة التسول،هذه المقاربات، نعتقد انها فاشلة من الأساس، خلقت لها الحكومة جمعيات احسانية، تعتمد في مواردها علىالتسول الاحساني من داخل الوطن ومن خارجه. بمعنى من المعاني ان التسول حل للتسول.
نعتقد، ان لا حلول للحد من ظاهرة التسول، الا بالتفكير في الحلول الجذرية، التي تتحمل مسؤوليتها الحكومة، وبشكل مستعجل، في توافر الشغل بالبحث عن مصادر الثروة الإضافية، وبخلق تنمية حقيقية في المناطق الطاردة للسكان للحد من الهجرة، مع إقامة أنشطة مدرة للدخل. كفى من فكرة التضامن والتكافل التي تقترحها السياسة الاجتماعية الرسمية.