أما آن الأوان أن نطوي صفحة هذاالتاريخ البئيس؟
مبارك المتوكل/المغرب
طلعت علينا وسائل الاتصال الاجتماعي بتدوينات يسعى من خلالها مهندس المشروع التنموي الجديد الذي كانت بشائره الأولى هي موجة الغلاء، التي حولت السوق المغربية إلى غول يلتهم الأجور والمدخرات والديون، لتفرض على المواطن البسيط أن لا يكتفي بصيام أيام رمضان فقط، بل الصيام الاجباري للدهر كله.
لقد تصورنا أن الاستغناء عن خدمات كاتب عام سابق سيفتح أبواب التباري لظهور وجه جديد في وظيفة الخالدين، لعل حظ المدرسة العمومية العاثر يوفر لها من يرعى مصلحة روادها تلاميذا ومدرسين وإداريين. وقد تصورنا أن الأيام التي عرفت فيها وزارة التعليم والفنون الجميلة ثم وزارة التربية الوطنية والشبيبة والرياضة، قبل أن يصبح لها هذا الاسم الطويل الكاسح الجامع المانع….الخ قدتولت. وقد صادفت التدوينات تلك المبشرة بالتغيير، الإعداد لإضراب الوظيفة العمومية الذي دعت إليه ك.د.ش .ليوم 18 أبريل.
لقد عادت بي الذكريات إلى قرار إضراب يوم 26 دجنبر 1961، كنت حينها شابا مقبلا على الحياة ومبتدئا في النضال النقابي، مسؤولا عن نقابة موظفي الإدارة المركزية، مما فرض علي أن أكون ليس فقط من أول المضربين بل من أهم المؤطرين لما سيسمى حينها بالانقطاع المدبر عن العمل.
هذه التسمية للإضراب ستستمر حتى بعد إقرار أول دستور مغربي بحق الإضراب. رغم أننا كنا مسؤولين حينها في نقابة كانت تعتبر أقوى تنظيم نقابي في إفريقيا، ورغم أن قانون الحريات العامة كان يضمن حق التنظيم النقابي وحق الإضراب، إلا أن المخزن قرر حينها أن يضع حدا لحماس واتساع موجة المطالب، فكان قرار منع الإضراب مصحوبا باتخاذ إجراءات زجرية في حق كل من دعا أو أطر أو حرض على الإضراب.
كانت العقوبة هي الطرد من الوظيفة مع التسجيل في لائحة ضبط المخالفات، تم طرد موظفي وزارة الخارجية بمن فيهم ممثل المغرب في الأمم المتحدة المرحوم الدكتور المهدي بنعبود، كما طال الطرد عددا من الموظفين في مختلف الوزارات. وكان نصيب وزارة التربية الوطنية أربعة من أطرها، كنت واحدا منهم.
كانت هذه السنة بداية حدوث ظاهرتين:الأولى هي بروز ما يسمى بوزارات السيادة، والثانية هي تدشين سنوات الجمر و الرصاص التي استمرت عقودا طويلة اعتقدنا أنه ستطوى صفحاتها بما يسمى بالإنصاف والمصالحة. لكن لكل امرئ من دوره ما تعود .
الرجوع إلى هذه الأحداث سببها هو أن وزارة التربية الوطنية منذ عهد المرحوم عبد الكريم بنجلون التويمي، لم تعرف وزيرا يقدر رجال التربية ويعترف بحقهم ويحميهم من ظلم الزمان وأهله، حتى وصل بنا الحال أن نرى المقبورين الذين ابتلي بهما المغاربة كوزيرين في الداخلية وفي التعليم ينسقان لقهر رجال التعليم وتجويعهم من 79 و81 إلى نهاية 1988.
للاسف اعتقدنا أن هذا التاريخ قد ولى، أما آن الأوان أن نطوي صفحة هذاالتاريخ البئيس؟