السيادة المغربية في الأقاليم الجنوبية وأسرار الإتفاقيات المغربية الإسبانية
د.شرف الرفاعي/فرنسا
بالرجوع إلى اتفاقية مدريد، و بدون ذكر أسباب النزول لاسترجاع الصحراء المغربية وملابستها واختيار توقيت سنة 1975 في عهد الدكتاتور الاسباني فرانكو، التي على أساسها تم تقسيم الصحراء بين المغرب وموريطانيا، مع إعطاء امتيازات كبيرة لإسبانيا في استغلال الفوسفاط والصيد البحري في أعالي البحار، وربط مصير سبة ومليلية والجزر الجعفرية بمصير جبل طارق التي تطالب به إسبانيا والذي هو لحد الآن تحت السيادة للمملكة المتحدة.
بعد تخلي موريطانيا عن الجزء الصحراوي الذي منح لها، وبعد الضربات التي تلقتها من طرف البوليساريو المساندة من طرف الجزائر وليبيا، قرر المغرب استعادة هذا الجزء دون أن يقدم لنا النظام تفسيرات كيف ولماذا منح هذا الجزء من التراب وجزءا من شعبه الذي كان مغربيا تم اصبح موريطانيا، وبقدرة قادر عاد مغربيا، و اصبحت الصحراء في مغربها والمغرب في صحراءه، وأسدل الستار وأصبح الشعار السائد لن نتخلى عن حبة رمل من صحراءنا، ولا شبر من ترابنا، والحال أن سبة ومليلية والجزر اللاحقة بها لازالت مستعمرة من طرف إسبانيا ولا يذكرها النظام قط في لقاءاته مع الحكومة الإسبانية.
بعد ذلك، قبل الملك الراحل الحسن الثاني سنة 1983 في مؤتمر القمة الافريقي بنايروبي بإجراء استفتاء شعبي لتقرير المصير يهم ساكنة الأقاليم الجنوبية، والذي رفضه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية آنذاك بقيادة المرحوم عبد الرحيم بوعبيد، وتم سجنه بمعية مجموعة من أعضاء المكتب السياسي للحزب بميسور، وهذا يؤكد من جديد وبجلاء واضح محدودية التعبير السياسي في المغرب، وأن من يتجاوز الخطوط الحمراء التي حددها المخزن مآله السجن وعلى أقل تقدير الغضب الملكي كما حدث مع حزب العدالة والتنمية من خلال بلاغ الديوان الملكي.
من بعده، طرح الملك وليس الحكومة كالعادة في سنة 2007 مقترح الحكم الذاتي في إطار ما سمي بالجهوية الموسعة واللامركزية، الموجه أساساً إلى حركة البوليساريو وهذا اعتراف ضمني بها كممثل وحيد وشرعي لساكنة الصحراء، وقد تم رفض هذا المقترح من طرف البوليساريو وممولها نظام الجزائر الذي يحتضنها، وقد بررت البوليساريو رفضها عن عدم التزام المملكة بوعودها وضربت مثالا بذلك عن دخول مجموعة من مؤسسي البوليساريو وعلى رأسهم وزير الخارجية السابق للحكومة الصحراوية المزعومة عمر الحضرمي الذي قال ذات مرة، للكويت عراقها وسعوديتها وللصحراء مغربها وجزائرها .
في الوقت الذي تتشبت البوليساريو بتقرير المصير لساكنة الصحراء و بالرغم من الاختلاف في وجهات النظر، هناك العديد من الصحراويين المؤهلين للإستشارة في هذا الاستفتاء يرفضون الحكم الذاتي، باعتبار أن النظام المغربي لا ديمقراطي، يزور الانتخابات، وليست هناك ضمانات دولية، وأن المغرب يضرب بعرض الحائط كل الاتفاقيات التي وقع عليها، ولعل أبرزها خرقهه لميثاق حقوق الإنسان وسجنه للعديد من الحقوقيين والصحافيين و أصحاب الرأي و نشطاء الحركات الاجتماعية، كنشطاء حراك الريف وجرادة وزاكورة واللائحة طويلة.
يجب التذكير أنه تمت مفاوضات مباشرة و غير مباشرة بين المملكة المغربية وبين حركة البوليساريو التي تعتبرها مرتزقة، وجلوسها معها في قبة الاتحاد الافريقي وهو أيضا ينكن ترجمته الى نوع من الاعتراف الضمني.
ما جرني للتطرق الى هذا الموضوع، والرجوع إلى ملف القضية الوطنية هو التذكير بموقف الحركة الوطنية و على رأسها الحركة الاتحادية الأصيلة التي اتخذت موقفا سليما ووطنيا،حين ربطت القضية الوطنية بالقضية الديمقراطية من أجل الوصول إلى حل سياسي سلمي متوافق عليه يضمن ديمقراطية حقيقية في البلاد.
هذا الملف دبر ويدبر وسيدبر كالعادة من طرف المخزن دون إشراك القوى الحية في البلاد، باخفاء جملة من الحقائق عن الشعب المغربي ومن ضمنها ما نراه اليوم عن إعادة التحكم في المجال الجوي المدني والعسكري للمغرب في الصحراء المغربية بعدما كان حكرا على إسبانيا منذ أمد بعيدا.
فعن أي سيادة نتحدث ، التاريخ يعريكم مرة أخرى عن خيانتكم للوطن وما خفي اعظم.