رباعيات الوحداني / الفراق .
قصيدة بقلم الشاعر
د محمد الوحداني/ المغرب
( 1 )
لَا تُعْطِي عَهْدًا أَنْتَ نَاكِثُهُ !
إنَّ الْعَهْدَ مِيثَاقٌ أَنْتَ مُدْرِكُهُ .
كَيْف تَنْسَاهُ ؟
أَو بِالوَاهيَّاتِ تُبَرِّرُهُ ؟ !!
فَالوَعْدُ سَيْفٌ أَنْ أَنْتَ قَطَعْتَهُ
لَسْتَ بِه تَفْصِلُ وَصْلًا
بَلْ حَبْلَ الْوُدِّ تَقْطَعُهُ !
و إذَا أَنْتَ قَطَعْتَ رَأْسًا
فَقَد اِرْتَاح صَاحِبُهُ ،
و تَمَّ مَا أَرَادَ قَاطِعه !
و إنْ أَنْتَ قطعت وَعْدًا
فَإِذ بِك تُخْلفُهُ !
فَلَا ارتَحْتَ و لَا مُصَدِّقُه
فَالوُعُودُ أَوْصَالٌ تَصِلُ …
مُعَلَّقَةٌ عَلَى عَرْشِ الْقُلُوبِ
إذَا مَا تَحَلَّلَ مِنْهَا رَبُّهَا ،
لَا وَصْلَ و لَا حَيَاةَ تَجِبُ …..
و من قطع وعدا قيده ،
و من أخلف عهدا الأيام تقطعه !
و الآن و ان أَقبِلْت نُفَارِقْ !
و إن هجرْت نُوَافِقْ !
فَنَحْنُ أَبْنَاءُ طَارِقْ . . .
مَرَاكِبُنَا مَحَارِقْ . . .
فِي مَغَارِبِكِ و الْمَشَارِقْ !
و لنَتْرُكَنِّكِ و لَوْ كُنْتِ أَنْدَلُسَ الْقَلْبِ
فَرَادِيسَ و حَدَائِقْ . . .
و أِمَارَاتِ وَرَدٍ و نَسَائِمِ طِيبٍ و عُطُورْ …
و هَدَايَا مِن ياسَمِين و زَنَابِقْ ؛
و لنَدْكَّ جُسُورٌ الْهَوَى و الْحُبِّ
و نُشُقَّ وِدْيَانَكِ الَّتِي مِنْ شُطٱنٍ
تَرَفُلُ عَلَى جَوَانِبِهَا دماء الصب
و حُورُ عَيْنٍ و إسْتَبْرَقُ بُحُورْ
و عُيُونَ مَهَا و تِيهَ غِزْلانِ
و نَمَارِقْ
( 2 )
افْتَرِقْ ؛
اِنْعَتِقْ ؛
انْطَلِقْ ؛
لَا تَقِفُ تَحْتَهَا عِنْدَ الْقَدَمِ !
سَيَحْرِقُكَ يا هذا طُولُ النَّدَمِ . . .
فَالرِّحِيلُ عَنِ الْخَلِيلِ ،
خَيْرٌ مِنْ الْعَيْشِ كَالذِّلِيلِ….
لَا خَيْرَ فِي عِشْقٍ لَزِمَتَهُ و تَظَلُّ كَالعَلِيلِ !
فَالْحْبُّ إمَّا مَجْدٌ تَسْمُو بِه الرُّتَبُ ؛
أَو سُمٌ يَسْرِي فِيكَ وَ تَتَعَذَّبُ !
( 3 )
فَحَيْثُ لَا أَمَلٌ فَلَا أَمَلَ !
و لَوْ جَعَلْتَ لَهَا مِنْ فُؤَادِكَ وَثَنًا أَوْ طَلَلَ !
و أَلْبَسْتَهَا مِنْ رَوْحِ نَبْضِكَ حُلَلَ !
و أُجْرَيَتَ مِنْ أَجْلِهَا جَنَّاتٍ و أَنْهَارَا !
و أُنْزَلْتَ دَمْعٌ قَلْبِكَ زُلَالَا !
و كَشَفَتَ لَهَا الْمَقَامَاتِ و الْأَحْوَالَ ؛
وَ وَلَّيْتَهَا سُلْطَانًا و أَهْدَيْتَهَا قُدْسَكَ و الْأَسْرَارَ !
فَإِنَّهَا فِي الْأَخِيرِ ،
لَا تُعْرَفُ لَا تُتْقِنُ :
إلا أَنْ تكذب و تخون !
و تَجْعَلَكَ في هواها كالمجنون !
و تَعِيشُ فِي جَنَّةِ حَبِّهَا النَّارَ !
و لِأَنَّهَا تَعَلَّمْت أَنَّهَا كَي تَكُونَ سَيِّدَةً عَلَيْكَ :
يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فرَحُكَ اَسْفَلَكَ !
و أَنْ لَا تْسْعِدَكَ ، فَذَاك ضَعْفٌ يُحِلُّ بها الْبَوَارَ !
لِأَنَّهَا تُؤْمِن أنَّك ذَكَرٌ خَطَرٌ و عَلَيْك إلَّا تَخْتَارَ :
إلَّا بَيْنَ أَنْ تَكُونَ عِنْدَهَا عَبْدًا محتار !
و تقبل كل مرة الأعذار
كَيْ تَغْفِرَ لَك !
أَو تَعِيشَ بَيْنَ يَدَيْهَا الْعَارَ !
و تقبل أن تجعل من خطاياها
سبحة كل مرة تعيدها
كشقي توبة طقوسا و أذكارا !
خَطِيئَةٌ فِي عَقِيدَتِهَا أَنْ تَكُونَ مِنَ الْأَحْرَارِ مُخْتَارَا !
( 4 )
بِغَيْرِهَا مِنْهَا أهْرُبْ وَ لَا تَعُدْ .
و غَيِّرِ الْمَنَازِلَ نَارُكَ تَبْرُدْ !
لَا تَتَرَدَّدْ :
فَالقُلُوبُ فِي الْهَوَى تَتَجَدَّدْ !
لَا تَجْعَلْ حَنِينَكَ فِيهَا
عَلَيْكَ يَسُدْ ، لَا تَتَعَلَّلْ !
لَنْ تَسْلَمَ مِنْ غَيِّهَا الَّذِي فِيهَا
مُنْذ الْقَدِيمِ اسْتَوَى وَ غَوَى !
و كَانَ عَلَيْكَ مُنْذ الْأَوَّلِ أَنَّ تَرْحَلْ ! .