تفاقم الأزمات و سؤال البديل الديمقراطي
بقلم : د. شرف الرفاعي /فرنسا
هل هناك معنى لكلمة ارحل؟
كل الاحتجاجات ، التظاهرات و الإنتفاضات كانت مرتبطة سواء بالدفاع عن المكتسبات الاجتماعيه ، الدفاع عن القدرة الشرائية للمواطنين أو الدفاع عن حقوق الإنسان ، المعتقلين السياسيين ، الصحافيين ، المدونين وأصحاب الرأي العام.
هذا واقع في عهد كل الحكومات السابقة، الحالية، و حتى اللاحقة، اذا الأمور بقيت على حالها. لأنها و بصراحة، حكومات لا تمثل الشعب المغربي، عينت بعد إنتخابات مزورة، استعمل فيها المال بالرغم من كل عهود النزاهة و الشفافية التي قدمتها هاته الاحزاب سواء اليمينية أو المحسوبة على صف اليسار، مع تحفظنا على هذه التصنيفات في الحقل السياسي المغربي.
في المملكة الشريفة، ليس ضروريا ان تكون فقيها أو عالما في الاقتصاد، لكي تفهم أن كل الأحزاب على كثرتها، لا تتمتع باستقلاية القرار ولا تستطيع تطبيق عهودها الانتخابية حين يتم ايصالها الى السلطة. وقائع تاريخية لمسناها في عهد حزب الاحرار مع السيد احمد عصمان، في حزب الاتحاد الدستوري مع السيد المعطي بوعبيد، مع التيقنوقراط السيد كريم العمراني، مع حزب الاستقلال بقيادة عباس الفاسي، مع السيد ادريس جطو، وقبله الإتحاد الاشتراكي مع عبد الرحمان اليوسفي ، مرورا بحزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية، بقيادة السيد عبد الإله بنكيران و من بعده السيد سعد الدين العثماني، لينتهي بنا المطاف في وقتنا الحالي الى حزب التجمع الوطني للأحرار بقيادة السيد عزيز أخنوش الذي يقود ما يسمى بحكومة الكفاءات بمساندة أحزاب و معارضة أحزاب أخرى، نفذت كما نفذت الحكومات السابقة، مثل أحزاب الأصالة والمعاصرة، حزب الحركة الشعبية، وحزب التقدم والاشتراكية.
كل هذه الحكومات هي صورية، تنفذ فقط ما يملى عليها من قرارات حكومة الظل التابعة للقصر الملكي الماسك الحقيقي بالسلطلة الفعلية.
لهذا السبب نقول بأن شعارات “ارحل” لا معنى لها في غياب بديل ديمقراطي. سيذهب أخنوش، كما ذهب رؤساء حكومات سابقة، الذين تم توظيفهم لتمرير قرارات لا شعبية، لاديمقراطية و لاوطنية، نظرا لارتباطها بمؤسسات خارجية أملت وأمرت بنهج سياساتها و تنفيذ مقرراتها ومخططاتها، تم توظيفهم وقت الحاجة، وتم الاسنغناء عنهم بعد قضاءها، على شاكلة الأشياء التي يرمي بها في سلة المهملات. اذا استمر الحال كما هو عليه، فان القادم من الحكومات، ستقوم بنفس الوظيفة و نفس المهمة، لتمرير ما يملى عليها من قرارات و مخططات خاضعة لأوامر صندوق النقذ الدولي و باقي اللوبيات المالية، التي ستكون حتما اكثر تعسفا على مصالح الفئات الشعبية من الطبقات الهشة، الصغيرة و المتوسطة.
الغلاء الفاحش والزيادة الصاروخية في أسعار كل المواد الغذائيه الأساسية، الردة الحقوقية على جميع المستويات، حماية مصالح وأهداف ومشاريع خدام الدولة والفاسدين والمفسدين، الى جانب عدم تفعيل مقتضيات دستور 2011 المتعلقة بآليات حسن تدبير الشأن العام و ربط المسؤلية بالمحاسبة، الى جانب ضمان كل الحقوق السياسية و المدنية و الاجتماعية و الاقتصادية لعموم المواطنين و على رأسهم الجالية المغربية في حقوقها الدستورية، نخض منها على سبيل الذكر لا الحصر، حقها في الانتخاب و الترشح في دوائر خاصة بها في جميع بلدان الاقامة . هي مؤشرات واضحة لتعميق الفوارق الاجتماعية و تردي الاوضاع الاقتصادية، هي مؤشرات لقنبلة موثوقة قابلة للانفجار في أية لحظة.
هي معطيات بسيطة نشير اليها، هي ناقوس خطر يجب أن تأخذها بعين الاعتبار كل الفعاليات السياسية، و أخص منها بالذكر، تلك التي كانت في الامس القريب تتبنى شعار مقاطعة كل مسلسلات التزوير و الفساد و تعبر عن رفضها للمشاركة في اللعبة الديمقراطية بشروطها الحالية، لنؤكد لهم بأن لا سبيل لحل الأزمات في غياب بديل ديمقراطي.