قصيدة خماسية نيرون الشوق
بقلم محمد الوحداني
1
*دخول النَّار .
احترق فنيرون قلبك
سر طريقك
و نارك نورك !
و أَخْرَجْ مِنْ وَادِيكَ و أَهْوَى !
مِنْ عُلَاكَ إلَى أَسْفَلِكَ الْعَمِيقِ ؛
و ارْكَعْ إلَى قَدَمَيْ الْحَبِيبِ
طُوَى
كَيْمَا تُشْعَلَ نَارَكَ الْمُقَدَّسَةَ كَالْغَرِيبِ ؛
اُسْلُكْ يَا هَذَا عُبُورَكَ
إلَى أُفْقِكَ الْبَرِيقِ …
و اُخْرِجِي يَدَيْك مِن لَوْحَة غَرَامِي
لتضَعِي كَفَّكِ عَلَى ذِرَاعِ تَتيُّمِي الْمُحَرَّمِ .
و دُعِينَا نَدْخُلَ النَّارَ وَ لَوْ قَلِيلًا ؛
لَا تفكري سَيِّدَتِي طَوِيلًا .
2
*الإله
هَل تَتذَكَّرينَ الَّذِي كَانَ
و قَدْ حَانَ أَوَانُ فِرَاقِي ؟
لَيْلَة صَعَدْتُ إلَيْك شَدِيدٌ الْبَأْسِ
حَيْثُ كُنْت تَجْدُلِينَ ظَفَائِرَ إلْيَاسِ.
كُنَّا فِي أَوَّلِ الطَّرِيقِ ,
وَ كُنْت حَبِيبِي و صَدِيقِي
كُنْتِ خَلِيلِي ،
وَ غُرْبَةَ غَلِيلِي .
كُنْتُ أَنَا عَلَى السَّبِيلِ الطَّوِيلِ !
و كُنْتَ أَنْتَ طِفْلَة تَلْهُو بِلَا تَعَبِ ،
تُهْدِيَنِني مَرَّةً كُلّ الشَّغَبِ
من هَدَايَاكِ التي كُلُّهَا حَبِيبَتِي لِي
كَانَتْ مُقَدَّمَهً عَلَى أَطْبَاقَ مِنْ صَخَبِ ؛
و جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا حَبَّاتُ لُؤْلُؤٍ و مَرْجَانِ !
وَ ولْدَانٌ تَدُورُ بِكَاسَاتٍ مِنْ زُمُرُّدٍ ثُمَالَتُهَا مِن تِيْهَانِ…
3
هَل تَتَذَكَّرِينَ كَمْ مِنْ مَرَّاتٍ طِرْتِ بِي إلَى نُجُومٍ بَعِيدَه ؟
حَيْثُ وَجَدْتُ اللَّه عِنْد النَّهْر يَتَفَرَّدْ !
و ألبستيني عِنْد الْبَرْزَخ تِيجَانًا مِن غَارٍ و أَضْوَاء جَدِيدَه !
حَيْثُ وُجِدَتْ اللَّهَ وَ مُحَمَّدْ..
حَيْثُ وجدتْ أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَوَاتِ وَ عِيسَى…
في ماء يوحنا يتعمد !
حَيْثُ وُجِدَتُ مُوسَى
لِوَحْدِه عِنْد الْجَبَل يَتَعَبَّدْ !
و صَادَفْتُ السامري ،
و بنات شعيب ،
و عجلا من ذهب
يغوي القبيلة التي تتردد !
و ترجلت عند فرعون…
و رأيت مائدة نيرون !
و مررت ببُوذا
يَتَنَازَلُ عَنْ مُلْكِهِ
لوَحده !
كَيْمَا يَتَجَدَّدَ و يَتَمَجَّدْ !
هُنَاكَ لا شعبً مُخْتَارًا غَيْركِ …
4
*روما
و هُنَاكَ فِي رُومَا و مَا تَبَقَّى مِنْ رَمَادْ …
عَلَى صَخْرَةٍ بُطْرُسَ تَغْزِلُ النَّارُ نَشِيدٌ اْلْأنْشَادْ،
و تُلْقِي بِالْوَرْدِ القُزَحِيِّ
عَلَى نَيْرُونَ و قَيْصَرَ ،
و مَا تَبَقَّى مِنْ جُيُوشِ إرَامَ ذَاتِ الْعِمَادْ ؛
و بِلْقِيسُ تَحْمِل عَرْش سُلَيْمَانْ
عَلَى رِيشِ الْهَيْكَلْ ،
و تَحْكِي لِمَرْمَرِ هُدْهْدِهَا الَّذِي كَانْ
كَيْف أَنَّ الْآلَةَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانْ
يُحْضِرُ قَادِرًا قَبْلَ رَمْشِ الْقَلْبِ
نَبْضَ مِنْ تَسَلَّطَ عَلَى البَوْحِ بِالْحُبِّ ؟
و كَيْف إنَّ اللَّهَ يَسْتَظِلُّ بِكَلَام الشُّعَرَاءْ ؟
كَي يَحْتَفِلَ عَلَى الْأَرْضِ الْأَنْبِيَاءْ !
و كَيْف نحلم بِمَن رَفَعَتْ ثَوْبَ الْحَيَاءْ ؟
عَنْ سَاقَيْ مِشْيَتِهَا حِينَمَا تَبَدَّى لَهَا الزُّجَاج كَالْمَاءْ !
و رَأَى المُكَلَّلُ بِالتَّاجِ بِعَيْنِ الْوَلِيِّ ،
شَعَرَ السَّاقِ نَافِرًا حَتَّى عُلَاهْ ،
بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ آصِفُ بْنُ بَرْخِيَا
و أَرْهَق برُؤْيَاهْ مَنْ كَانَ النَّبِيَّ ،
و لِمَا قَضَت مِن حَلَّتْ
كَحَرُونِ الْخَيْلِ حَوْلًا عِنْدَ النَّبِيِّ ؛
رَأَى عِنْد أَخِير الْمَسَاءْ :
فَوَاكِهَ غَيِّهِ عَلَى مِحْرَابِ الصَّبِيِّ
فَوَلَّتْ بَعْدَهَا إلَى السَّمَاءْ .
5
*بابل
همست لِي كَمَا كْوِيلْ
إنَّهُ خَطَرٌ إنْ تُغَامِرْ !
بِمَا أَنَّ الرُّوتِينَ قَاتِلْ
فَعَاجِلْ بِالرَّحِيلِ قَامِرْ
بَادِرْ
و كَفْكِفْ عَيْنَ مُحَمَّدٍ بِمَعْبَدِ عِيسَى
عَسَاكَ
هُنَاكَ
فِي رُومَا تَرْسَى ؛
و أَنَّهُ عَلَيْكَ إلَّا تَأَسَى ،
عَلَى إلِهٍ ذاتَ لِقَاءْ اِحْتَسَى
كَأْسَ “من يَجْمَعَهُ اللَّهُ لَا يُفَرِّقَهُ مَنْ يَنْسَى” !
“كأس ذكر خرج من عطش أنثى ”
فَاجْتَمَعَا مَعًا كَغُزَاةِ بَابِلَ ،
كَيْ نُحَرِّرَ دَانْيَال مِن زِنْزانَة نَبُّوخَذ نَصْرَ ،
و نَشُقَّ بِعَصًا بِيزَنْطَةَ بَحْرٌ مِصْرَ الْأَحْمَرَ .
فَلَا طَائِلَ
مِنْ نَبْضِ قَلْبٍ دَقَّ
دُونَ أَنْ يُحِبَّا
و يَشْربَا !
مِنْ عَيْنٍ غَيْرَة تُغَالِي و تُعَالِي حَتَّى تَتَعَذَّبَا !
وَ تَشُكَّ و تَخُونَ و تَرُوحَ و تَعُودَ حَتَّى تَطْرَبَا !
فَلَا خَيْرَ فِي حُبِّ مَا أَنَاخَ عَزِيزَ عِشْقٍ حَتَّى يَغْضَبَا !
و يَخْفِضَ مِنْ فَرْطَهِ كُرْهًا جُنَاحَ ذُلٍ وَ يَعْتَبَا…
و يُقْبِّلَ الْإَقْدَامَ مُعْتَذِرًا مِنْ تَحْتُ و الْأَنْفَاسُ مُقَطَّعَة و يَتَقلَّبَا ؛
وَ الْحَبِيبُ مُتَمَنِّعٌ مُمْتَنِعٌ حَتَّى تَطْلُبَا !
و يُفِيضَ عَلَيْك مَا بِهِ أُمٌ مِنْ رَحْمَتِهَا كَانَتِ الْبَابَ .
فَلَا طَائِل مِنْ نَبْض قَلْب دَقّ
دُونَ أَنْ يَشُقَّ ،
بَحْرٌ الْعِصْيَانِ
بِعَصًا الْهُجْرَانِ
و يَذُوق الْبَيْنَ و يُجَرِّبَا .
كُتِبَت شِتَاء 2023 الْمُوَافِق يَنايِر 18 .