حكومة الكفاءات و انتعاش مظاهر الفساد. الى اين نحن ذاهبون؟
صافي الدين البدالي
منذ تنصيب حكومة أخنوش و هي ترفض عمليا التصدي لمظاهر الفساد الذي يزداد توسعا و توالدا على جميع المستويات و في جميع القطاعات حتى أصبح يشكل خطورة على البلاد . و لا يمكن أن يخفى على حكومة الكفاءات كما وصفوها للشعب المغربي عند تنصيبها بأنه من أسباب تأخر أي بلد على مستوى التنمية هو الفساد ، لأنه يعرقل النمو الاقتصادي و الاجتماعي ويتسبب في كوارث اجتماعية متعددة. و هي تعلم خطورة آثاره على أمن وسلامة الأمة و على التنمية المستدامة. وبالرغم من ذلك فإن حكومة اخنوش لا تريد التصدي للفساد و هي تعلم بأن الفساد له ارتباط بالرشوة واستغلال النفوذ و بخطورته على المشهد السياسي و على تخليق الحياة العامة.
إن الحكومة ماضية في التطبيع مع الفساد كيفما كانت طبيعته و خطورته على البلاد. و هو كما وصفه البنك الدولي:
” شكل من أشكال خيانة الأمانة أو الجريمة التي يرتكبها شخص أو منظمة يُعهد إليها بمركز سلطة؛ وذلك من أجل الحصول على مزايا غير مشروعة أو إساءة استخدام تلك السلطة لصالح الفرد. يمكن للفساد أن يشمل العديد من الأنشطة التي تتضمن الرشوة والاختلاس “.فالفساد له ارتباط بشيوع الرشوة و الاختلاس و نهب المال العام و بكل الممارسات التي هي خارجة عن القانون، حيث يتصرف صاحب المنصب ، موظف أو منتخب ( جماعي أو برلماني ) أو وزير أو أي موظف حكومي آخر بصفة ملتوية لتحقيق مكاسب شخصية. و من المعلوم ان الفساد هو الأكثر شيوعًا في الكليبتوقراطيات (حكم اللصوص)، و الأوليغارشية (حكم الأقلية)، ودول المخدرات، ودول المافيا (حسب تقرير البنك الدولي) .
إن الحكومة و هي ترعى الفساد تتسبب في تفكك النسيج الاجتماعي ، لأن الفساد يساهم في إشاعة روح الكراهية ويحمي الغش و ينمي سبل الرشوة للحصول على امتيازات على حساب الآخرين .و بالفساد الذي ترعاه الحكومة عمت الكراهية بين الناس وبين فئات المجتمع، كما تسبب في انعدام العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص.
إن للفساد تداعيات مباشرة وغير مباشرة على المستوى الاقتصادي و التنموي و المالي و على الحقل السياسي حيث يساهم بشكل مباشر في تعطيل بناء الديمقراطية الحقة في البلاد ،مما يجعل المفسدين يحصلون على مكاسب غير مشروعة، وهو ما يقود كل برامج الاستثمار و المخططات التنموية و يرفع من تكاليفها و بالمقابل يخفض من مستوياتها و يجعلها تزيغ عن أهدافها.
و هو من الأسباب التي أدت الى عجز الحكومة عن التغطية الصحية و الخدمات الاجتماعية و ايضا الى إفلاس التعليم و وتردي البنية التحتية في أغلب المدن و في الوسط القروي ،مما ساهم في خفض معدلات النمو الاقتصادي وارتفاع نسبة البطالة وتنامي مظاهر الهجرة السرية عبر قوارب الموت .
إن انتشار الفساد وسيطرة المفسدين على الحياة العامة وتحالفهم مع السلطة أدى إلى استخدام كل الوسائل للوصول إلى أهدافهم بما في ذلك التعدي على مكتسبات الناس و حقوقهم وسجن الأبرياء والفقراء.
إن الحكومة تتجه بحمايتها للفساد والمفسدين لتجعل من الدولة المغربية دولة فاسدة ينتعش فيها الظلم والغش و الفقر والتعدي على حقوق الناس . لأن الفساد بطبعه يشكل تحدياً قوياً لحقوق الإنسان وحرية التعبير و للديمقراطية، و يحول دون بناء دولة الحق و القانون و الدولة الحداثية.