الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

 

“فلسطين… الثقافة هي المقاومة”:

فلسطين بصوت الموسيقى : «آثروديل» توحّد أوركسترا من أربع دول في رسالة حب ومقاومة”

 

 

 

ف ز فراتي – برشلونة

 

 

في ليلة لا تُنسى من ليالي برشلونة، احتضن قصر الموسيقى الكتالونية (Palau de la Música Catalana) أمسية فنية وثقافية ليلة الخميس 5 يونيو، تحت عنوان “فلسطين، الثقافة مقاومة”، كانت بمثابة صرخة فنية في وجه الصمت، واحتفاء بالجمال المتجذر في الأرض والهوية الفلسطينية.

 

 الثقافة كسلاح مقاومة:

 

افتتحت الأمسية بسلسلة عروض أدبية ومسرحية أضاءت جوانب مختلفة من التجربة الفلسطينية، بدايةً بمقاطع مختارة من “مونولوجات غزة” التي جسّدت حياة الفلسطينيين تحت الحصار. تبعتها قراءات لنصوص كتبها شباب من غزة، قرأتها أصوات من الشتات، لتنقل الألم والأمل والانتماء بلغة إنسانية شفّافة.

 

 

 

المشهد البصري للأمسية جاء من خلال عرض حيّ للفنانة نادية حفيظ، التي رسمت وسط أنغام الموسيقى لوحات عن الغربة والصمود، في حين أضفت مار كاساس صوتها العذب على مختارات من شعر فدوى طوقان، مرافقة بعزف حساس للكلارينيت. وتوّجت تلك الفقرة برقصة معاصرة لـفادي واكد، مثّلت صراع الهوية والمقاومة بأداء جسدي مكثّف.

 

 

 

من سوريا إلى فلسطين… آثروديل تعزف للحب والهوية

 

لكن اللحظة الأشد سحراً في الأمسية جاءت مع صعود فرقة أتروديل (Athrodeel) إلى المسرح، لتقدّم عملاً موسيقياً أصيلاً بعنوان “Love to Palestine”، مزج بين التراث الفلسطيني الغنائي والتوزيع الأوركسترالي الأوروبي، في تجربة فنية قلّ نظيرها.

 

فرقة “آثروديل” السورية التي تأسست عام 2018 على يد عازف الغيتار أحمد دياب، بالتعاون مع زوجته، مغنية الأوبرا السورية أسيل مسعود. ومنذ انطلاقتها، قدمت الفرقة مشاريع فنية تهدف إلى تعزيز التبادل الثقافي، وتمزج بين موسيقى شعوب البحر المتوسط، ساعية إلى استبدال أصوات الحرب بأصوات الموسيقى، كما يؤكد مؤسسوها.

 

في هذا الحفل، جمع أحمد دياب وأسيل مسعود أوركسترا “المعهد العالي للموسيقى في برشلونة” (Fundación Liceu Superior)، بمشاركة عازفين محترفين من سوريا وفلسطين وإسبانيا واليونان، لتقديم موسيقى تنبض بحبٍ عميق للقضية الفلسطينية. حيث عمل هذا الفريق المتنوع بتناغم تام، مدفوعين بإيمان مشترك بدور الموسيقى في إيصال الرسائل الإنسانية العابرة للحدود والسياسات.

 

 

 

استُهل العرض بأغنية “لاجئة بلا عنوان”، وهي أول عمل خاص للفرقة، مستندة إلى قصيدة للشاعرة الفلسطينية دارين شبير من ديوانها ضمير منفصل. لحّن الأغنية طارق صالحية، ووضع توزيعها الموسيقي عازف التشيللو السوري صلاح نامق، وجاءت برؤية فنية لأحمد دياب، وأدتها بصوتها أسيل مسعود.

 

تواصل العرض بعد ذلك بتقديم مجموعة من المقطوعات العربية، جاءت بمزيج يجمع بين الطابع الكلاسيكي والأندلسي والفلامنكو، ليُختتم بأغنية “غناء الطيور” باللغة الكتالانية، كرسالة حب وسلام موجهة إلى الشعب الفلسطيني.

 

  “الفن لا يغيّر السياسات، لكنه يوقظ الضمائر”

 

قاد هذا الأداء صوت أسيل مسعود، الذي خطف أنفاس الحضور بدفئه الأوبرالي وصدقه العاطفي. صوتٌ بدا وكأنه ينطق باسم كل أم فلسطينية، وكل حلم ظل معلقاً في فضاء المنفى.

 

وفي لقاء خاص مع أسيل و أحمد دياب ، كان الحديث حول دور الثقافة والفن في خدمة القضايا الإنسانية،وقد علّقا بالقول :

 

  •  “الثقافة والفن والموسيقى هي وسائل حضارية لنقل صوت القضية. ما جعل هذا الحفل استثنائياً ليس فقط مستواه الفني، بل عمقه الإنساني والوطني، خاصة بعد أن شهد العالم جرائم الاحتلال في الأشهر الماضية.”

 

و فيما يخص إقامة الحفل في أحد أبرز المسارح الكتالونية، صرح دياب  :

 

  •  “قصر الموسيقى ليس فقط صرحًا فنيًا، بل رمز لنضال ثقافي في كتالونيا. أن نغني لفلسطين هنا هو حدث رمزي له أبعاده العميقة. إنه بمثابة اعتراف علني بالظلم، بعد صمت طويل.”

 

أما عن تفاعل الجمهور الإسباني، أشار إلى أن ما حدث كان يتجاوز مجرد حضور فني:

 

  •  “شعرنا أن الناس لم يأتوا فقط ليستمعوا، بل ليتضامنوا. الوعي الشعبي هنا بدأ يتشكّل من خلال الفن. رأيت دموعًا في العيون، وارتجافًا في اللحظات المؤثرة. تلك اللحظات تؤكد أن رسالتنا وصلت.”

 

وفي سؤالهما عن دور الفن في التأثير على الرأي العام الإسباني، قالت أسيل:

 

  •  “ربما لا يمكننا إيقاف الحرب، لكن يمكننا إيقاظ الضمائر. الفن لا يغيّر السياسات بشكل مباشر، لكنه يوسّع المساحات الرمادية في الوعي العام، وهذا ما بدأنا نلمسه من خلال تفاعل الجمهور ومواقف المنظمات الكتالونية التي دعمت هذا الحدث بكل وضوح.”

 

 

 عندما يغدو الفن جبهة نضال

 

فرقة “آثروديل” بتشكيلتها المتنوعة التي تجمع موسيقيين من فلسطين وسوريا واليونان وكتالونيا، جسّدت في هذا الحفل مفهوم راقي للتضامن، حيث لا تكتفي الموسيقى بالتعبير، بل تتحول إلى موقف سياسي وأخلاقي.

 

و نجاح الأمسية، وفق الفرقة، لم يكن وليد لحظة، بل ثمرة وعي مزدوج; وعي فني ووعي بالقضية، كما أوضح قائد الفرقة أحمد دياب :

 

  •  “نجاح الحفل ارتبط بوعي الجمهور أولاً، و بجودة العمل ثانيًا. كل المشاركين حرصوا على تقديم أفضل صورة لفلسطين، ووجودنا في قصر الموسيقى أضفى بعدًا ثقافيًا قد ينعكس سياسيًا أيضاً.”

 

في ختام الأمسية، وقف الجمهور مصفقاً طويلاً، لا فقط للفن، بل لفلسطين التي حضرت على الخشبة بكل تجلياتها: بشهدائها، ومثقفيها، وفنانيها، وأحلامها التي لا تموت.

 

 

 

 

 

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات

error: Content is protected !!