الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

جريمة مروّعة في طنجة: شاب يذبح والدته تحت تأثير البوفا… هل المخدر وحده السبب؟

 

 

 

 

 

ف ز فراتي ـ برشلونة

 

 

 

بعض الجرائم ليست صادمة، بل متوقعة… لأنها نتيجة طبيعية لصمت طويل، لتواطؤ غير معلن، ولتراكم خيبات متتالية في دولة تتعامل مع الأحياء الشعبية وكأنها “خارج التغطية”.

 

 

شاب في ريعان العمر، خرج لتوه من السجن، يعيش في حي شعبي مهمّش، مدمن على مادة البوفا القاتلة، يبيعها لأبناء الحي كما لو كانت حلوى، ثم في لحظة فقدان تام للوعي… يذبح والدته.

مشهد مأساوي بكل المقاييس، لكنه لا ينبغي أن يُقرأ كحادث معزول أو قصة رعب منفصلة عن واقعنا. بل هو مرآة لواقع يزداد سوادًا، وصرخة مدوية في وجه مجتمع يتعايش بصمت مع الخطر.

في الحقيقة، ما حدث في حي مسنانة بمدينة طنجة ليس مجرد جريمة عنف أسري، بل عرض خطير لمرض اجتماعي عميق. نحن نعيش وسط قنابل موقوتة تحمل أسماء مألوفة: “البوفا”، “السيليسيون” و غيرها… مواد تنهش العقول والأجساد، وتتسلل إلى حياتنا في غفلة، أو في ظل صمت متواطئ.

هذه المواد لا تأتي من العدم. إنما تنمو في بيئات منهكة، تغيب فيها فرص الحياة الكريمة، وتُترك فيها الأحياء الشعبية وحدها في مواجهة العنف، البطالة، والفراغ القاتل.
فما الذي ننتظره حين يعيش أطفال وشباب بين جدران مشبعة بالخوف واليأس، وتُصبح المخدرات وسيلتهم الوحيدة للهروب؟ 

 

–  من المسؤول؟

 

نعم، الشاب المدمن هو من ارتكب الجريمة. لكن، قبل أن نوجه أصابع الاتهام إليه وحده، علينا أن نطرح أسئلة جوهرية:

 

  • من سمح بانتشار “البوفا” في المدارس والملاعب و الأحياء؟
  • من الذي يسمح بأن تُباع هذه السموم علنًا، وتُروَّج كوسيلة للهروب من الواقع المعاش ؟
  • أين أجهزة الرقابة؟ أين الدولة؟ أين بدائل الشارع؟ وأين مراكز التأهيل التي يُفترض أن تكون قريبة من الأحياء المتضرّرة لا مجرد لافتات على الورق؟

 

إننا أمام جيل يُستدرج إلى الهاوية، يُخدّر بأرخص المواد، يُستغل كتاجر وزبون في نفس الوقت، ثم يُدان حين ينهار. و الأسوأ أن من يوفر له الوقود غالبًا ما يبقى في الظل، دون أن تطاله يد المحاسبة.

 

–  هل يمكننا الخروج من هذا النفق المظلم؟

 

نعم، بشرط أن لا نغض الطرف بعد الآن.
لو تحركنا الآن كمواطنين، كأسر، كإعلام، كقوى مدنية…
لو طالبنا بمحاسبة من سمح لهذا الوباء أن يتمدد، ومن تجاهل نداءات الخطر المتكررة.
لو ضغطنا من أجل فتح مراكز علاج وإعادة إدماج في قلب الأحياء، لا في هوامش المدن.
لو منحنا المدمن فرصة للنجاة، بدل أن نحكم عليه بالإقصاء المؤبد.

 

“البوفا” ليست مجرد مادة مخدّرة رخيصة، بل أداة فتّاكة لتفكيك المجتمع من الداخل.
وحين تُترك هذه السموم تتسلّل إلى أحيائنا، يصبح كل ساكت، أو متقاعس، أو متواطئ… شريك في الجريمة، ومسؤول عن الدم الذي يُسفك تحت غطاء الإهمال.

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات

error: Content is protected !!