الساعة المسلمة و الساعة الحكومية
صافي الدين البدالي/ المغرب
مع اقتراب حلول شهر رمضان الأبرك ،يعود المغرب إلى الساعة القديمة كما يعبر عنها كافة المواطنين والمواطنات ابتداء من الأحد 19 مارس 2023 . و هذا يعني بأن الساعة القديمة أي الساعة بتوقيت جرينتش هي ساعة مسلمة تعود لتشاركنا شعائر شهر الصيام بيننا، بعد غيبة طويلة ، بينما الساعة الجديدة ،أي ساعة غرينتش بإضافة ساعة، هي ساعة غير مسلمة ، فهي ساعة كما يعبر عنها أغلبية الشعب ، ساعة تعب و شقاء و أمراض عصبية .
من هنا يتبين لنا بأن دولتنا هي دولة العجائب والمتناقضات . و هي تستمر في ركوب سفينة هذه المتناقضات تفقد مصداقيتها لدى الشعب المغربي ،لأنها لا تريد مصارحته و لا تريده أن يفهم خلفية القرارات الغريبة التي يتم اتخاذها في غفلة منه ، مثل قرار الساعة المضافة إلى الساعة الطبيعية ،ساعة غرينتس، التي عرفها المغاربة منذ قديم الزمان. و هي الساعة التي تنسجم و التقسيم الطبيعي للزمن على الكرة الأرضية ،الذي يتناسب و الموقع الجغرافي لأرضنا التي توجد على خط غرينتش أو مدار غرينتش و هو خط افتراضي لحساب التوقيت ، سمي كذلك لأنه يمر على مدينة غرينيتش في لندن.
من المعلوم أنه يقسم الكرة الأرضية إلى قسمين شرقي وغربي. وهنالك 360 خط طول، 180 خط شرقي خط غرينتش و180 خط غربي خط غرينيتش. إن بلادنا توجد في مدار طبيعي و هو الذي يتميز بالمناخ البيئي المناسب للأرض التي نعيش عليها و الذي له تأثيرات بيولوجية إيجابية على الإنسان المغربي مثله كمثل الذين يوجدون في هذا الخط (خط غرينيتش). و إنه لما قررت الدولة المغربية تبني الساعة الجديدة على خلفية اقتصاد الطاقة لم تقدم أية دراسة علمية حديثة مبنية على معطيات واقعية و ليس معطيات افتراضية ،إذ من المطلوب تقييم الساعة على مستوى استهلاك الكهرباء بالنسبة للإنارة العمومية و المنزلية و على مستوى مردودية العمل الإداري وعلى مستوى التحصيل الدراسي و على مستوى الجانب النفسي و السيكولوجي بالاعتماد على خبراء مستقلين.
إن الواقع بالنسبة للساعة الجديدة هو أنها ضمن مصائب التبعية للإستعمار الفرنسي الذي يفرض على الحكومات المغربية ما يليق بالفرنسيين و يضر بالمغاربة، والحكومة تقرر و لا يهمها الشعب المغربي في شيء .و إنه لو كانت الحكومة تخرج من بين جدران مكاتبها و تستمع إلى نبض الشارع و تتفاعل مع متطلباته لعلمت بأن أهل القرى والفلاحين لا يعتمدون على الساعة الجديدة كما يسمونها، بل يعتمدون ساعة غرينتس لأنها تتناسب و المنازل الفلاحية و الزراعية و طقوسها التي تدلهم على أوقات الزرع و الغرس و الحصاد و التخزين و كذلك تحديد أوقات الصلاة.
لو أن هذه الحكومة كانت تستيقظ مبكرا لوجدت الأطفال يتجهون إلى المدارس في غسق الليل و المدن لا زالت شوارعها و منازلها مضاءة بالكامل، و لوجدت الطاقة تستهلك بقوة بالإدارات و بالشركات و بالمؤسسات التعليمية، طبعا ذلك في الصباح المبكر الذي تحوله الساعة الجديدة الى استهلاك مقلق للطاقة.
إذن الساعة المعتمدة من طرف الحكومة هي ساعة لها خلفيات سياسية في علاقة مع ضغوطات أجنبية معروفة و السياق الذي فرضت فيه غير خاف على أحد. فعلى الحكومة أن تكون مع الشعب و مع مشاعره و أن لا تستمر في تغليط الرأي العام الوطني و العالمي ، لأنه كما يقول المثل الشعب المغربي الزمان كشاف .